Reklama

vendredi 15 juin 2012

0
الجدال مع الإسلاميّين وقفة تأمّل...25.09.2007..

إلى أيّ حدّ تفرض لعبة الجدال ومتطلّباتها أفقا وسقفا لممكنات التّفكير؟ هل يمكن أن نحاكي قولة أبي حيّان التّوحيديّ "كما تكونون يُولّى عليكم" للحديث عن العلاقة بين الخصم وخصمه، بحيث نقول : "كما تكونون يكون خصمكم"؟ هل أضعنا وقتا طويلا في الحجاج ضدّ الإسلاميّين؟ هل فرضت علينا ظروف المرحلة، مرحلة المدّ الأصوليّ، خصوما من درجة فكريّة دنيا فانسقنا رغم كلّ شيء إلى فخّ ما أو سهولة ما، أو نقص في التّفكير عوّضته متعة ما لم نفكّر فيها، لأنّ المتعة هي ما لا يقبل التّفكير وما يحول دون التّفكير؟ وفي الوقت نفسه، هل كان بالإمكان عدم الدّفاع عن المكاسب المدنيّة السّياسيّة التي حقّقتها الحداثة والتي ثبت عداء أغلب الإسلاميّين لها أو عداؤهم لأغلب مظاهرها؟ هذه الأسئلة أطرحها على المجادلين للإسلاميّين، وأطرحها على نفسي، لأنّني منذ بضعة سنوات طويت الكثير من دفاتري، وعلّقت جانبا من مشاريعي في البحث لأدخل حلبة الصّراع مع الإسلاميّين كالكثير ممّن رأوا في الإسلام الأصوليّ، وهم محقّون في ذلك، عدوّا أساسيّا للحرّيّة والمساواة.

ربّما يتعيّن علينا اليوم القيام بوقفة تأمّل للتّراكم الذي حصل في الجدل بين الإسلاميّين وغيرهم من العلمانيّين أو المتديّنين المجتهدين في الأحكام، ممّن يشتركون مع الإسلاميّين في منطلقاتهم الإيمانيّة، ولكن يختلفون معهم في أطروحات تخصّ أحكام الشّريعة وإمكانيّات التّأويل، وعلاقة الدّين بالدّولة. وربّما يتعيّن علينا طرح أسئلة أخرى لم نطرحها بعد ولا أملك شخصيّا جوابا كافيا عنها، وهي تندرج أوّلا في إطار التّقييم و"قياس الأثر"، والنّقد الذّاتيّ، وتندرج ثانيا في إطار العلاقة بين الخصم وخصمه وفي اللّعبة التي قد تنشأ بينهما، وفي مخاطر متعة الخصام التي تمثّل عائقا دون التّفكير.
فهل حقّق الجدل مع الإسلاميّين التّراكم المعرفيّ المطلوب الذي من شأنه أن يخلق تديّنا مختلفا عن تديّن الأصوليّ والمتعصّب والإرهابيّ، وما مساحة هذا التّديّن من المنظومات الإعلاميّة والتّربويّة في كلّ بلد؟ كيف يمكن عمليّا أن "نقيس الأثر"؟ وما العلاقة بين هذا التّديّن المختلف والتّديّن التّقليديّ الذي كان عليه آباؤنا وأجدادنا وجعلهم عموما غير أصوليّين وغير إرهابيّين؟ ما دور الدّعاة الجدد في خلق هذا التّديّن الجديد أو في المزيد من إنتاج "هذيان اللّجوء إلى الأصل" (والعبارة لفتحي بن سلامة في كتابه "الإسلام والتّحليل النّفسيّ")؟ هل تحقّق شيء ممّا يسمّيه فرويد بـ"عمل الثّقافة"، أي الإنتاج اللّغويّ والفكريّ الذي يجب أن يواكب تحوّلات الذّات في لحظات "طفرة الحضارة" ويسدّ الثّغرات التي تنتجها القطيعات، حتّى لا تتحوّل الذّات الخارجة من التّقليد إلى فرد أعزل من كلّ تماهيات إيجابيّة، ولا تضطرّ إلى الحلول القصوى التي تنفلت فيها الغرائز وتظهر فيها الهذيانات الجماعيّة بديلا عن الفهم والتّعقّل والعلاقة التّأويليّة؟
ثمّ هل حصل تفاعل بين الإسلاميّين وغير الإسلاميّين أم بقي كلّ في مكانه؟ ألا يمكن أن نبرح موقع المجادل من حين لآخر، لنتبيّن وجوه التّفاعل هذه؟ ما الذي جعل مفتيا مثل القرضاوي يطوّر فتاواه بخصوص تولّي المرأة الحكم، وبخصوص قتل المدنيّين؟ فلا شكّ أنّ الانتهازيّة السّياسيّة وحدها لا تفسّر هذا التّطوّر، بل يفسّره تعقّد الخطاب الأصوليّ نفسه، بحيث أنّه ليس خطابا دينيّا تقليديّا محيلا إلى ذاته auto-référentiel، بل هو خطاب يعتمد من حيث يعي أو لا يعي مرجعيّتين في نفس الوقت : مرجعيّة دينيّة ومرجعيّة مدنيّة ديمقراطيّة حديثة، وهو ما يجعلنا إزاء خصم أكثر تعقّدا من كونه "ظلاميّا" و"ماضويّا" و"سلفيّا"، وما يدعونا إلى عدم تغليب لحظة الحكم على لحظة الفهم والمعرفة. فهذا الخصم، إلى أيّ حدّ يشبهنا أو يريد أن يشبهنا رغم اختلافه عنّا؟ 

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=110244

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 
Dr Raja Ben Slama Blog | © 2010 by DheTemplate.com | Supported by Promotions And Coupons Shopping & WordPress Theme 2 Blog | Tested by Blogger Templates | Best Credit Cards