Reklama

dimanche 9 septembre 2012

0
الدكتورة رجاء بن سلامة لـ«الشروق» : نريد إبداعا شعاره... لا خوف بعد اليوم

تشكل كتابات الدكتورة رجاء بن سلامة حول الاسلام وقراءات النص الديني مدونة مزعجة بالنسبة للتيارات الدينية المتشددة وقد فتحت عليها هذه المساهمات التنويرية باب التكفير والتشويه وحملات منظمة على شبكة الفايس بوك.





كيف ترى رجاء بن سلامة المشهد الثقافي في تونس اليوم وماهي أبرز عناوينه ؟



الشروق التقتها في هذا الحوار .



كيف تفسرين تنامي التيارات الدينية التي تكفر الناس وتفرض نمطا غريبا من السلوك ؟



لا يوجد عامل واحد، بل توجد عوامل عديدة منها ما هو فرديّ ومنها ما هو جماعيّ، منها ما هو متعلّق بتاريخ تونس ومنها ما هو مرتبط بعوامل خارجيّة.
أعتقد عموما أنّ التّيّارات السّياسيّة المتشدّدة تتغذّى من الفراغ : من فراغ سياسيّ وفراغ ثقافيّ معرفيّ.



يتمثّل الفراغ السياسي في حرمان الكثير من التونسيين في العهد البائد من حياة سياسيّة كريمة تضفي معنى على حياة الشّابّ، وهو ما يجعله يبحث عن معنى لحياته بالانتماء إلى جماعة دينية بدل أن يجد هذا المعنى داخل الفضاء المدنيّ الرّحب.



ويتمثّل الفراغ الثّقافيّ في عدم المعرفة بالمبادئ الدّيمقراطيّة وانعدام الثقافة الحداثية، بحيث تحل التصوّرات الهووية الدّفاعية محلّ قيم التّحرّر والمواطنة، وبدل أن نحصل على ذات تريد الاختلاف والتّغيير نجد ذاتا تريد التّطابق مع ماض تتخيّله صافيا رشيدا طاهرا. فالانتماء الديني لا يتطلب معرفة بالتاريخ ولا يتطلب معرفة بالفكر، بل يتطلب إيمانا وتسليما بأفكار بسيطة قائمة على ثنائيات الخير والشر والطهارة والنجاسة والماضي الفردوسي في مقابل الحاضر الفاسد.. الثقافة الفلسفية والتاريخية تخلق مناعة ضد هذه السذاجات، وغيابها يفتح الباب أمام الانجذاب إلى الدعاة والفقهاء والزعماء الدينيين مهما كان خطابهم بعيدا عن الواقع وعن قيم التحرر والمواطنة.



والهشاشة النفسية تمثل أيضا أرضية خصبة للانتماء إلى الحركات الدّينيّة لا سيما المتشددة. أعطيكم مثالا : من حرم من أب محبّ يستطيع التّماهي معه واتّخاذه نموذجا للرّجولة يمكن أن يجد في الزّعيم الدّينيّ ملاذا. وفي حالات كثيرة هناك خوف من المثليّة يجعل الإنسان في حاجة إلى تصوّرات متشدّدة تحول بينه وبين النّزعة المثليّة التي يعتبرها وسواسا من الشيطان. ولكنّني لا أعمّم، وفي الذّوات البشريّة تنوع كبير يمنعنا من التسرع في ربط النتائج بالأسباب.
وهناك عوامل خارجيّة طبعا، تصل إلى حدّ خلق محترفين للتّشدّد الديني يتقاضون رواتب وأموالا على تديّنهم.



ـ هل تعتقدين ان هناك جهات خارجية تسعى الى تقويض النموذج التونسي وتخريب البلاد عبر ترويج ثقافة لم نعهدهاً طيلة تاريخنا ؟



نعم. فهناك منذ الخمسينات عداء مزدوج قوميّ وإسلاموي للنّموذج التّونسيّ البورقيبي الذي هو بالأساس نموذج تنمويّ يقوم على تحرير الإنسان من الجهل والفقر والمرض وتحرير المرأة وتمكينها من التحكم في حياتها الانجابية. إنه نموذج مغاير للإيديولوجيا القوميّة الموجّهة إلى العدوّ الخارجيّ والإيديولوجيا الإسلامية الرامية إلى إعادة بناء الأمة والخلافة أو إلى تجسيد الإرادة الإلهية على الأرض. النموذج التونسي يقوم على الإيمان بالإنسان وبتحريره. كانت تنقصه الديمقراطية السياسية، ولكن الديمقراطية لم تكن أفق السياسة ولم تكن مطروحة في الخمسينات إثر الاستقلال. وهذا النموذج التونسي تحقد عليه القوى الرجعية في العالم العربي وينكره الإسلاميون في تونس، بل إن ما نعتبره نحن تحريرا للإنسان وللمرأة يعتبرونه هم تجفيفا للمنابع وانحلالا، و الإسلاميون في تونس بعد توليهم الحكم يحاولون طمس فترة بناء الدولة بعد الاستقلال ويشيطنون بورقيبة، ويفضلون عليه زعماء الحركات الإسلامية.



- كيف تقبلت كجامعية « عودة التعليم الشرعي» في جامع الزيتونة وما هي تداعياته على المدرسة التونسية؟



فوجئت كغيري بهذه الدعوة الإحيائية التي لا بدّ أن تكون فاشلة. فالماضي لا يعود إلا في شكل مهزلة، والتعليم الزيتوني شهد حركة إصلاح وتنوير مغايرة لغايات الشخص الذي نصب نفسه وصيا على الزيتونة وعلى نحو عجيب. وما فاجأني هو توقيع ثلاثة وزراء على وثيقة اعتراف بالمؤسسة وباستقلاليتها خارج المسارات الإدارية العاديّة، وبمناسبة حضورهم حفل افتتاح. هل هو التّكفير عن ذنب إهانة الزواتنة في العهد البورقيبيّ؟ ربّما ولكنّ المؤسسات لا يمكن ان تسيّرها العواطف والمكتوبات. نحتاج إلى تعليم وطنيّ موحّد ونحتاج إلى تطوير منظومتنا التعليمية لا للعودة بها إلى الخلف. يمكن أن تعود الدروس إلى جامع الزيتونية وتكون رافدا روحيا وثقافيا، أن تصبح هذه الدروس تعليما موازيا غير خاضع لأي مراقبة فهو ما سنتصدى له.



- اي دور يمكن ان يقوم به المبدعون اليوم وهل تعتقدين اننا نقترب فعلا من « محاكم التفتيش» ؟



نقترب من محاكم التّفتيش إن تواصل العنف باسم الدّين وتواصل الإفلات من العقاب لممارسي العنف والمعتدين على المبدعين، وإن كرّس القضاء المحافظ وغير المحايد تأويلات متعصّبة لنصوص القانون، وإن نجحت كتلة النهضة في فرض تجريم المسّ من المقدّسات سواء في الدّستور أو في القانون. لكن ما نلاحظه هو حيوية المجتمع المدني وتصدي الجمعيات والنقابات المهنية لهذا الحد من حرية الفكر والإبداع. في مستوى الجامعة تم تأسيس مرصد للحريات الأكاديمية أرجو أن يتطور ويصبح فاعلا في الحياة الثقافية.



أسمح لنفسي بأن أقول للمبدعين وللفاعلين الثقافيين وكل المواطنين المتطلعين إلى الحرية : لا تخافوا من تهديدات المصادرين ولا تلغوا أي عمل أو عرض، لأن الخوف والرقابة الذاتية هما الأرضية الخصبة للظلامية وللرقابة والجهل المقدس. لا خوف بعد اليوم شعار ينسحب على الإبداع.



أنت من الكاتبات المستهدفات على شبكة الفايس بوك لماذا خاصة انك لست سياسية ؟



هناك كره يكاد يكون طبيعيا للنساء لدى الكثير من الإسلاميين. بل إن الظاهرة الأصولية حسب رأيي هي ظاهرة مضادة للنسوية أولا وقبل كل شيء. ثم هناك كره للصراحة وتفصيل للكليشيهات واللغة الخشبية. وهما أمران اثنان وأنفر منهما وأتجنبهما عندما أكتب. وهو ما لا يحتمله الكثير من المتقبلين الذين يضيق صدرهم من الفكر المغاير والجديد.



هل هناك امل وهل تعتقدين ان المسار السياسي الذي وضع من المجلس التأسيسي أولوية كان خيارا خاطئا ؟



هناك أمل إذا قبلت الأطراف الحاكمة وخاصة حزب النهضة بمسار الانتقال الديمقراطي، وتراجعت عن مشروع الهيمنة والتسلط. هناك أمل إذا تمّ إطلاق الهيئات المستقلة الضرورية في مجالات الإعلام والقضاء والانتخابات، وهناك أمل إذا لم يتنام العنف السياسي وإذا أبدت الحكومة رغبة صادقة في التصدّي له.



خيار المجلس التأسيسي هو الطريق الأصعب والأخطر. لكن لا بأس. هو في الوقت نفسه الطريق الذي يسمح لنا بالاشتغال على اختلافاتنا. سيكون الطريق مؤديا إلى مطبّة إذا لم ننجح في صياغة دستور ديمقراطي، وغير ضامن للحقوق والحريات، أو ملتبس ومتهافت كما حال المسودة التي اطلعونا عليها وسيكون مؤديا إلى الهاوية إذا أفضى إلى دكتاتورية جديدة. ولكننا يجب أن نتحمل المسؤولية كاملة وأن لا نندم على ما فات. الخوف والندم ليس من صفات الأحرار.

نورالدين بالطيب
vendredi 27 juillet 2012

0
محاولة تفكير حول علاقة التّمييز بالتّصوّرات البيلوجيّة وبـ"الفطرويّة

lundi 23 juillet 2012

1
ما تعتبره أنت، وفقا لمعتقدك وفكرك "معصية" يعتبرها غيرك "حرّيّة شخصيّة"

كتب أحدهم :
"والله استغرب التحريض من استاذة جامعية على المعصية والمنكرة بل ارتكاب المحرمات باسم الحرية . الله يمهل ولا يهمل يا حضرة الأستاذة.
شكرا واصلي هذه رسالتك !!!! كرهك للنهضة لا يشفع لك"

وجوابي على هذه الرّسالة ومثيلاتها : أنّنا في بلاد ديمقراطيّة، يعني أنّ ما تعتبره أنت، وفقا لمعتقدك وفكرك "معصية" يعتبرها غيرك "حرّيّة شخصيّة" لأنّه لا يشاطرك المعتقد والفكر، وربّما يختلف عنك في تأويل للنصوص الدّينيّة.
القيم الديمقراطية هي التي تجعلني أتعايش معك، وتجعلني أقيّم حزب النّهضة وفقها، وتجعل القانون يحميني من تهديداتك وتهديدات غيرك.

ألم يصلكم حديث الثّورة، وترديد شبابها : "لا خوف بعد اليوم"؟
dimanche 22 juillet 2012

0
حرّيّة عدم العبادة ليست اعتداء على العبادة

مقال الأستاذ أبو خولة المنشور بإيلاف يوم 15 أكتوبر 2006، تحت عنوان "اجتهادات تونسية للإفطار في رمضان "، فيه الكثير من الوجاهة، ومن الحجج المستقاة من داخل المنظومة الدّينيّة على إمكان تطوير فريضة الصّيام، وإعادة تأويلها وفق مقتضيات العصر. ورغم أنّني أحترم رأيه وأدافع عن حقّه الشّخصيّ في الاجتهاد وإعادة التّأويل، بل وأعتبر مثل هذه الدّعوات دليل حيويّة وسير في اتّجاه خلق تديّن من نوع جديد، فإنّني من موقعي المتواضع كمدافعة عن الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان، أذهب مذهبا آخر في المطالبة بإصلاح سلوك المسلمين في رمضان، لأنّني أعتقد أنّ أمور العبادة في حدّ ذاتها لا يمكن أن تكون مجال مطالبة حقوقيّة، ومجال تدخّل للقانون وللدّولة، إنّما هي مجال اجتهاد شخصيّ داخل المجموعة الدّينيّة نفسها، أو مجال حوار واجتهاد بين القائمين على أمور المقدّس، أو مجال مطالبة من قبل المنتمين للمجموعة العقديّة الواحدة، كما هو الشّأن في مطالبة النّساء المؤمنات بإمامة الصّلاة، فهي مسألة داخليّة موكولة إلى ضمائر النّاس المنتمين إلى الدّين الواحد، والأفضل للدّولة أن لا تتدخّل فيها إلاّ بحماية حرّيّة الرّأي والمعتقد للجميع.
وما يدعونا إلى اتّخاذ هذا الموقف ليس عسر تغيير العبادات لما تحاط به من هالة قدسيّة فحسب، بل الأمران المواليان :
1- يجب أن نحافظ على الفصل الذي طالب به بعض المصلحين بين العبادات والمعاملات، فالعبادات مجال العلاقة الأفقيّة بين الخالق وعبده، وهي موكولة إلى ضمير الإنسان وعقيدته وحياته الخاصّة، والمعاملات مجال العلاقات البشريّة الأفقيّة وهي موكولة، أو يجب أن توكل إلى القوانين المدنيّة الوضعيّة، وكلّ ما نطالب به من مساواة وحرّية ومن تحوير للقوانين المعمول بها يتنزّل في هذا الباب.
أنصار الشّريعة، وأنصار مبدإ "الإسلام دين ودولة" يريدون إسقاط العموديّ على الأفقيّ، أي يريدون تحويل هذا الدّين إلى إيديولوجيا شموليّة تقنّن كلّ مجالات الحياة من عبادة وقانون وسياسة وأخلاق وسلوك يوميّ، فهم يرفضون القيام بهذا الفصل الذي يحرّر النّصّ الدّينيّ من استعمالاته البشريّة المعاملاتيّة. هذا الفصل بين العبادات والمعاملات هو الذي يساعدنا على جعل الدّين تجربة فرديّة مستبطنة وروحانيّة، قد تكون حافزا على احترام المبادئ الأخلاقيّة السّامية التي لم تلغها التّطوّرات الحديثة، ومنها احترام الحياة، وحرمة الجسد الحيّ والجسد الميّت، والتّكافل الاجتماعيّ، والرّحمة، والرّفق بالوالدين، وعدم حبّ المال والجاه حبّا جمّا... هذه القواعد الأخلاقيّة العامّة هي غير الشّريعة التي تفرض نظاما للمعاملات قائما على اللاّمساواة بين المرأة والرّجل، والعبد والحرّ، والمؤمن وغير المؤمن، واللّقيط والصّريح النّسب... وهذه المبادئ الأخلاقيّة العامّة، هي خلافا لأحكام الشّريعة غير متناقضة مع منظومة حقوق الإنسان، بل يمكن أن تكون مصدرا من مصادر تطويرها المستمرّ.

2- العلمانيّة على النّمط الذي أرساه كمال أتاتورك، رغم ما قامت عليه من إيجابيّات، ولّى عصرها ولم تعد ممكنة اليوم، بل ربّما تتناقض مع العلمانيّة الدّيمقراطيّة التي نطمح إليها، وهي ترمي إلى إرساء قواعد للعيش المشترك بين كلّ الأديان، وبين المؤمنين وغير المؤمنين، ولا ترمي إلى فرض قواعد معيّنة في السّلوك الفرديّ. العلمانيّة ولا شكّ تقتضي تغييرا لمجال المعاملات، وهذا ما نجح فيه إلى حدّ كمال أتاتورك وبورقيبة كلاّ في زمانه وفي سياقه، وقد أعطت تجربتهما أكلها في تحرير المرأة والتّحديث الاجتماعيّ. ولكنّ محاولتهما في تغيير معتقدات النّاس وعباداتهم ليست محبّذة وليست ممكنة اليوم.

فالسّياق الرّاهن غير سياق الزّعماء الكاريزميّين الذين يطوّرون مجتمعاتهم، أمثال أتاتورك وبورقيبة، بل هو سياق زعماء من نوع آخر، لا يحملون مشاريع للبناء والتّحوّل الاجتماعيّ، بل يحملون شعارات للتّجييش الدّينيّ والعاطفيّ ولا يهدفون إلى البناء بل يهدفون إلى الصّدام والمواجهة، ويكفي أن يكونوا مجرّد دعاة أو قادة لميليشيات حزبيّة. هؤلاء هم الذين تتماهى معهم الأغلبيّة، بل ويتماهى معهم جزء هامّ من النّخب اليساريّة والقوميّة التي أصبحت تفتخر بعدم إعمال العقل، وتتباهى بعدم الاهتمام بالمشروع المجتمعيّ الذي تخفيه عباءات هؤلاء الزّعماء.
أمام هذا التّراجع الطّفوليّ للنّخب وللشّعوب، وهذا الانحدار في طبيعة الزّعماء الجدد، لا يسعنا اليوم إلاّ أن نتمسّك بتعويض التّعويل على الزّعماء بالتّعويل على الحركيّة الاجتماعيّة والثّقافيّة التي تؤدّي، وإن ببطء، إلى التّأثير في صانعي القرار، والتّأثير في المنظومات التّربويّة والإعلاميّة والثّقافيّة، ولذلك نكتب ونطالب، ونأمل.

ولنعد إلى قضيّة فريضة الصّيام، لنقول إنّ بين العبادات والمعاملات مجال تقاطع، يتمثّل في القواعد المدنيّة التي لا بدّ من فرضها لكي لا تكون عبادة المؤمن سلبا لحرّيّة غير المؤمن، أو غير المتعبّد، وهذا مكمن الدّاء الذي أردت لفت الانتباه إليه، لأنّه مؤشّر آخر من مؤشّرات عدم التّسامح، وعلامة أخرى من علامات التّناقض بين خطاب التّسامح من ناحية والممارسات والقوانين السّائرة في اتّجاه آخر، والتي أصبحت مسلّمات وبديهيّات غير قابلة للنّقاش. هناك فئات من غير الصّائمين تفرض عليهم قواعد الصّيام وتفرض عليهم في بعض البلدان العربيّة عقوبات قانونيّة يعدّ وجودها نفسه إخلالا بالحرّيّات الأساسيّة : المؤمنون غير القادرين على أداء الفريضة، أو المؤمنون الذين أوصلهم اجتهادهم الشّخصيّ إلى إمكان عدم القيام بالفريضة، والمؤمنون الذين اختاروا أن يكونوا مؤمنين دون أن يأدّوا الطّقوس الدّينيّة، وهؤلاء يعبّر عنهم باللّغة الفرنسيّة بـ"غير الممارسين" للشّعائر (وهي عبارة ليس لها مقابل حديث في العربيّة، وللأمر دلالة). نضيف إلى هذه الأصناف : معتنقي الأديان الأخرى من المواطنين والأجانب، واللاّأدريّين واللاّدينيّين والملحدين. هؤلاء جميعا لا مكان لهم في ظلّ الممارسة الحاليّة لفريضة الصّوم في البلدان، بل هم ضحايا للمقاربة الشّموليّة للإسلام، وهي في هذا المجال مقاربة يشترك فيها الإسلام السّياسيّ مع الإسلام الرّسميّ، مع الإسلام الشّعبيّ الذي غذّت فيه الفضائيّات بؤر التّعصّب والنّرجسيّة الجماعيّة. وهو ما جعل رمضان رغم مباهجه وفوانيسه الجميلة وسهراته الحافلة يتحوّل إلى جحيم دنيويّ بالنّسبة إلى غير الممارسين لهذه العبادة. فالمطاعم والمقاهي تغلق في النّهار أو تفتح على نحو يشعر فيه المفطر بالمهانة، إذ توصد عليه الأبواب وكأنّه يقترف جريمة نكراء، ويلاحق بالنّظرات المستنكرة. ويمنع بيع المشروبات الكحوليّة للجميع، ويعتبر أيّ جهر بالإفطار اعتداء على حقوق الصّائمين، والحال أنّ حقوق الصّائمين مكفولة ولا يعتدي عليها أحد.
ما يمارس من عنف على غير الصّائمين في هذا الشّهر يدلّ على أنّ التّعصّب ليس حالة خاصّة أو إيديولوجيا معزولة، بل نمط من العيش ونظام للعلاقات بين النّاس ومناخ فكريّ. ولعلّ النّموذج الذي نجح في بنائه الإسلام المتعصّب بأنواعه هو نموذج المسلم الذي نقدّمه كالتّالي :
• المسلم العاجز عن التّحكّم في غرائزه، والذي يسيل لعابه طوال اليوم، يسيل لعابه كلّما رأى مفطرا في رمضان، كما يسيل لعابه كلّما رأى جزءا من جسد امرأة : شعرا أو وجها أو مجرّد أذن.
• نموذج المسلم "المسلوخ" الذي لا جلد يقيه من الجروح، فكلّ شيء يعدهّ مهينا له جارحا لعواطفه ولعقيدته. ولذلك فهو يقضي يومه وليله في رصد ما يقال وما يكتب عن الإسلام، وفي التّألّم من جراح المشاعر والعواطف.
• نموذج المسلم الذي لا يعبد اللّه لمحبّته إيّاه، بل ليحصل في كلّ لحظة على الثّواب والجزاء، ولذلك فهو يحوّل مأكله وملبسه وكلامه إلى عبادة متواصلة، أو إلى مؤسّسة للرّبح الآخرويّ، ويختزل علاقاته بالنّاس في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
• نموذج المسلم الذي ينتمي إلى عصرين في الوقت نفسه، فيحوّل المؤسّسات الدّيمقراطيّة إلى منابر لإنتاج القرارات المنافية للدّيمقراطيّة، ويحوّل كل مطالبة بالحرّية إلى مطالبة بالحقّ في العبوديّة.

والنّتيجة هي أنّ المسلم أصبح كاريكاتورا للإنسان الحديث، لا لأنّ الإسلام أراد له ذلك، بل لأنّه أراد هذا الإسلام، أو أراد هذا للإسلام.
إذا اقتنعنا بأنّ الإيمان لا يفرض بحدّ السّيف، فيجب أن نسلّم بأنّ الشّعائر الدّينيّة لا تفرض بحدّ القوانين الجزائيّة والتّدابير الإكراهيّة، وبأنّ حرّيّة عدم العبادة ليست اعتداء على الحقّ في العبادة.
vendredi 20 juillet 2012
jeudi 19 juillet 2012
mercredi 18 juillet 2012

0
Tribune. Tunisie. Continuez à briser des vies, Messieurs les juges !

Sept ans de prison pour deux jeunes nés en 1984 à Mahdia. Ils font partie de ces jeunes auxquels la révolution du 14 janvier allait permettre d’exercer ces droits humains fondamentaux que sont la liberté de conscience et d’expression.

 
Ont-ils tenu des armes ? Ont-ils commis des meurtres ou appelé au meurtre ? Ont-ils outragé le drapeau du pays ? Ont-ils déclaré la guerre aux principes de la République ? Ont-ils pris part au trafic d’une quelconque drogue qui détruit les esprits et les corps ? Non. Ils nont fait quexprimer sur la toile des points de vue, sans doute excessifs ou injustes, sur lislam mais ne portant nullement atteinte à lordre public.
Ordre public menacé, en revanche, par des appels au meurtre et incitations à la haine qui se sont déployés tout au long de ce feuilleton dont nous avons été les spectateurs éberlués, inquiets et d’autant plus soucieux que le niveau du débat national a dégringolé pour être réduit, de manière erronée, à une polémique entre mécréants et fidèles.
Peut-on protéger la foi par des lois répressives ? Non. Dès lors que la prédication a commencé à prendre de l’ampleur dans la péninsule arabique, des centaines de livres ont mis en cause le prophète de l’islam, prenant pour cible des épisodes de sa vie. Cela a-t-il affaibli la foi des gens ou les a-t-il amenés à se détourner de l’islam ? Non. Les Musulmans des premiers siècles étaient plus équilibrés. N’ont-ils pas déclaré que celui qui rapporte des propos impies n’est pas un impie ? N’ont-ils pas affirmé l’autonomie de la littérature par rapport à la religion ? Et dans ce que nos jeunes ont publié, il y a de la littérature, de l’imagination et de l’humour.
Lislam est-il à ce point fragile pour que vous le protégiez, Messieurs les juges, par des lois répressives héritées de lancien régime et par un verdict aussi cruel ? Je ne comprends pas pourquoi les non croyants sont traités comme des criminels. Non, ils ne sont pas coupables, Messieurs. Des jeunes en colère, voilà ce quils sont, et ils ont le droit de se révolter contre toutes les manifestations de lordre établi. Vous vous arrogez le droit d’être plus durs que le Dieu clément qui accepte le repentir ? Vous voulez substituer au jugement de l’Au-delà un verdict de ce monde ?
Les islamistes ont ployé sous le joug de la prison et de la torture pendant des années. Peut-être que nous ne les avons pas assez défendus par des discours et des écrits, et je m’excuse de ne l’avoir pas fait suffisamment, même si beaucoup d’avocats laïcs et de gauche ont plaidé leur cause dans les tribunaux. Comment pouvez-vous cautionner aujourd’hui ce retour des procès d’opinion ? Comment pouvez-vous ressusciter, à laube de ce XXIesiècle, linquisition moyenâgeuse et ce, dans un pays où un courant rationaliste, né de la pensée islamique, a vu le jour dès le début du XXe siècle, dans un pays qui a connu la révolution de la liberté et de la dignité ? Relisez Tahar Haddad et Abu al-Kassem Chebbi, vous y trouverez les prémisses lumineuses de la rationalité et de la responsabilité individuelle.
Si vous êtes croyants, faites en sorte que le supplice soit l’apanage de l’Au-delà et discutons plutôt des affaires de ce monde, du développement équitable et des mesures en vertu desquelles les corrompus doivent rendre des comptes, pour que nous puissions enfin tourner la page et construire la 2èmerépublique.
Est-ce que vous prenez la mesure de ce que représentent sept ans de prison dans la vie d’une jeune personne ? Elles signifient une vie brisée, expression commune au dialectal tunisien et à l’arabe classique. « Que ta vie soit brisée ! », c’est ce que disaient nos vieilles quand elles se plaisaient à être détestables. Ces sept ans de prison signifient : « Vous navez pas davenir. Vous serez emmurés vivants dans les prisons et dans lexil. Vous ne méritez pas de vivre puisque votre opinion diffère de celle de la communauté ».

Et si la jeunesse de décembre-janvier 2011 ne nous avait pas libérés ? Ceux qui sont aujourd’hui aux commandes n’auraient pas eu l’opportunitéde vivre au grand jour et de gouverner.
Je connais un magistrat qui s’était rendu complice de ces décisions de justice iniques et cruelles à l’encontre des islamistes et qui a été mis à la retraite. Il était constamment rongé par le remords parce qu’il avait brisé des vies, dispersé des familles et les avait privées de leurs moyens de subsistance. Il ne dormait pas et il lui était impossible de se réjouir des belles choses de la vie.
Comment les victimes dhier peuvent-elles se transformer en bourreaux ? Cest cette question cruciale que nous adressons aujourdhui aux victimes dhier et au Président de la république et ancien défenseur des droits humains. Son amnistie s’étendra-t-elle le jour de la fête de la République à ces deux jeunes ?
Atteinte au sacré ? Il n’y a d’atteinte au sacré, pour moi, que lorsque certains prennent en otage des lieux de culte, les profanent par des luttes de pouvoir et par des actes violents, en ferment les portes et changent les serrures. Je ne vois datteinte au sacré que lorsque la créature sarroge le droit doccuper la place du Créateur et se substitue à lui en faisant précéder le supplice de l’Au-delà par un châtiment de ce monde. Laissez le supplice au bon Dieu et ne vous substituez pas à Lui. Telle est la première leçon de démocratie. Ménagez un espace pour le débat, la critique, l’autocritique et pour le repentir. Celui qui défend la foi avec autant de fureur et de démesure est appelé à se rendre à l’évidence de l’inconsistance de sa propre foi.
Il y a une nouvelle notion dans la littérature des droits de l’Homme, « la souffrance illégitime ». Elle désigne la souffrance qui excède toutes celles inhérentes à la condition humaine : la séparation, la maladie et la mort. « La souffrance illégitime », cest la souffrance relative à la violence, violence infligée à lHomme par son prochain et nayant pour motif que la différence dopinion. L’un de ces jeunes est écroué, l’autre est voué à l’errance et les deux familles sont en proie à la violence et à l’injustice.
Messieurs les décideurs, un comité international prendra la défense des deux jeunes, parce que, que vous le vouliez ou pas, ce sont des prisonniers d’opinion et non pas des prisonniers de droit commun. M’entendez-vous ? Il est temps de réparer cette injustice, véritable « atteinte »à la révolution de la liberté et de la dignité. 
Raja Ben Slama

* Traduit de l’arabe par Insaf Machta

vendredi 13 juillet 2012

0
تاريخ لم يكتب وعنف لم يوصف18.06.2007..

لم تحرق النّساء في العالم الإسلاميّ كما أحرقن في أوروبّا بتهمة السّحر والتّحالف مع الشيطان، لا لأنّ الإسلام يحرّم حرق الأجساد ويجعله حكرا على الله فحسب، بل لأنّ مؤسّسة الحجاب مثّلت جدارا عازلا حدّ من حضور النّساء في الفضاءات العموميّة، ووفّرت جهازا ناجعا نسبيّا للتّحكّم في أجسادهنّ ومراقبة أنشطتهنّ. وفي الوقت نفسه، مثّل الحجاب تطويقا لفتنة النّساء، إذا فهمنا الفتنة بمعنى السّحر، وإذا اعتبرناها الصّيغة الإسلاميّة لتحالف النّساء المفترض مع الشّيطان الذي يسمّى في العربيّة "فتّانا"، أي مع المتعة الجسديّة والمحرّم. الفتنة في رأيي هي السّحر الحلال الذي اتّهمت النّساء به، ولكنّ هذا السّحر لا يكون حلالا إلاّ إذا أسدل عليه حجاب من حجارة أو قماش، وقنّنته كوكبة الممنوعات التي نعرفها، من منع الخلوة المحرّمة إلى منع التّبرّج والمصافحة والخروج بدون إذن.
ومع ذلك لم تتكفّل حواجز الحجاب وحدها بقمع النّساء، لأنّ النّساء كنّ يخرجن إلى الأسواق والمقابر والحمّامات، ولم يكنّ جميعا من ربّات الخدور المترفات، بل كانت الكثيرات منهنّ إماء يكلّفن بالخروج لقضاء الحاجات، وكانت الكثيرات منهنّ يمتهنّ حرفا نسائيّة. وتعجّ كتب التّراث بالأخبار التي تتحدّث عن قرار أصحاب السّلطة منع النّساء من الخروج إلى الحمّامات والمقابر من حين لآخر، وضرب أولياء الأمر والمحتسبين إيّاهنّ بالسّياط. فقد كان عمر بن الخطّاب يؤدّي بنفسه وظيفة المحتسب، ويدور بسوطه في الأسواق، محاولا تطهير المدينة من ظلال الشّيطان : "روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نائحة فأتاها فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها. فقيل: يا أمير المؤمنين, المرأة المرأة! قد وقع خمارها. فقال: إنها لا حرمة لها. أسند جميعه الثعلبي رحمه الله." (تفسير القرطبيّ)
ويفيدنا ابن تغري بردي في كتابه "النّجوم الزّاهرة في ملوك مصر والقاهرة" بشيء من أخبار الحملات "البوليسيّة" الدّينيّة على النّساء. ففي عهد الملك الأشرف برسباي (القرن الخامس عشر م)، كان محتسب القاهرة دولات خجا "يتتبّع النّسوة ويردعهنّ بالعذاب والنّكال، حتّى إنّه ظفر مرّة بامرأة وأراد أن يضربها فذهب عقلها من الخوف، وحملت إلى بيتها مجنونة، وتمّ بها ذلك أشهرا، وامرأة أخرى أرادت أن تخرج خلف جنازة ولدها، فمنعت من ذلك فرمت بنفسها من أعلى الدّار فماتت."
ولم نكتب إلى اليوم تاريخ قمع النّساء كما كتب الأوروبّيون منذ القرن التّاسع عشر تاريخ محاصرة السّاحرات وحرقهنّ، وإعدام أوائل المطالبات بحقوق النّساء إبّان الثّورة الفرنسيّة وبعدها. لا يعود ذلك في رأيي إلى فقر في الكتابات التّاريخيّة العربيّة التي تهتمّ بالحياة اليوميّة وبفئات اجتماعيّة غير الطّبقات الحاكمة، وفقر في الدّراسات النّسائيّة التي لا تكتفي بالحديث الورديّ المبستر عن رائدات النّهضة النّسائيّة. بل يعود هذا النّقص إلى أنّ هذا الماضي الذي يجب أن نكتب تاريخه لم يمض بعد، وإلى أنّ اللّحظة الحداثيّة التي تجعل علاقتنا بالتّقليد إشكاليّة لم تنتج تراكما معرفيّا كافيا، ولم تنجح في إحداث تغيير جذريّ في الأنظمة الاجتماعيّة والعقليّات السّائدة في الكثير من البلدان العربيّة.
لقد خرجنا من التّقليد، بل ألقي بنا خارجه بالأحرى، ولكنّنا بقينا معلّقين بتلابيبه واقفين على أعتابه، وبقيت بعض أجهزته القمعيّة متواصلة في أكثر الدّول ثراء ونفوذا إعلاميّا، وبقيت متجلّية كأحسن ما يكون في مؤسّسة الحسبة القائمة على مبدإ "الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر". وأبرز دليل على أنّنا خرجنا من التّقليد دون أن نخرج منه هو عجزنا عن إيجاد علاقة تأويليّة بالآيات القرآنيّة التي تكرّس العنف ضدّ النّساء في شكله القانونيّ المنظّم أوفي شكله الفرديّ الاستثنائيّ. فقد أقرّ القرآن بأفضليّة الرّجل على المرأة من خلال الآية : "ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف، وللرّجال عليهنّ درجة، واللّه عزيز حكيم" (البقرة/228)، ومن خلال الآية : "الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم." (النّساء/34). وفي هذه الآية نفسها، ونتيجة للأفضليّة المعلن عنها، والتي لا يمكن أن ينكرها اليوم إلاّ سفسطائيّ أو مؤسطر للماضي، أباح للزّوج معاقبة زوجته عقابا يمكن أن يصل إلى الضّرب : "... فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه، واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا."
mercredi 11 juillet 2012

0
تصريحي بالشروق اليوم حول مبادرة "نداء تونس". قد لا يعجب بعض اليساريّين، قد أتراجع عنه



تصريحي بالشروق اليوم حول مبادرة "نداء تونس". قد لا يعجب بعض اليساريّين، قد أتراجع عنه إن ثبت أنّ هذه المبادرة لا تخدم أهداف الثورة، لكن هذا رأيي، وهذه قراءتي للواقع اليوم. كنت خارج العاصمة، وقمت باستفتاء لآراء الكثير ممن التقيت بهم من مختلف الشرائح، ووجدت الأغلبيّة العظمى تؤيّد هذا النّداء وتنتظره. المشكل في المثقفين القافزين فوق الواقع وفي السياسيين الذين يحرصون على إيجاد موقع لهم على الخارطة، حتّى وإن تناقض ذلك مع مصلحة البلاد.

رجاء بن سلامة : المبادرة ستنجح متى توفر برنامج قريب من هموم الكادحين

أرى من حولي ومن مختلف الطبقات الاجتماعية تطلعا إلى هذه المبادرة ورغبة في الانخراط فيها. وأرى أن الكثير من العوامل تتضافر لجعلها بديلا حقيقيا عن ضعف المعارضة وتشرذمها، ومنافسا حقيقيا وضروريا للحزب الحاكم مستقبلا:

ـ هذه المبادرة حزب، ولكنها تطمح إلى أن تكون جبهة انتخابية في الوقت نفسه. لست أدري إن كانت دعوة الأحزاب الصغرى للانصهار فيها واقعية الآن، لأن الانصهار يتطلب وقتا طويلا، وهو مكلف من الناحية النرجسية. لا نكلف السياسيين ما لا طاقة لهم به، لكن لا بد على الأقل من جبهة انتخابية عريضة حول هذا النداء، وحول شخصية مطلقه.

ـ هذه المبادرة تقوم على فكرة إنقاذ الدولة المدنية والمكاسب الاجتماعية والسياسية المتحققة. وفكرة الإنقاذ هذه ليست هينة، لأننا رأينا كيف تعرضت مقومات الدولة الحديثة ومازالت تتعرض إلى المخاطر مع حكومة تمارس الخطاب المزدوج، ولا تطبق القانون، ومع حزب يسعى إلى الهيمنة على الدولة، ولم يقطع بعد مع إيديولوجيته الإخوانية.

ـ هدف الإنقاذ غير كاف ولا يصنع برنامجا، ولذلك يمكن أن تنجح هذه المبادرة إن استطاعت أن تخاطب الجماهير الغاضبة على سياسة الحكومة وأن تعد برنامجا اجتماعيا قريبا من هموم الطبقات الكادحة، وموفرا لخطة واضحة للقضاء تدريجيا على البطالة. الحكومة الحالية كانت لها اختيارات ليبرالية رأسمالية واضحة، وبرامج تنموية شبه خاوية، ولذلك ننتظر من هذه المبادرة غير ذلك.

ـ هذه المبادرة تحظى بثقة نخب البلاد، أو على الأقلّ بثقة قطاع كبير منها. ولها حظوظ في استمالة الجماهير لأسباب منها أن السيد الباجي يعرف كيف يخاطب الناس. له البلاغة السّياسيّة التي تصل إلى القلوب دون أن تكون ديماغوجية وشعبويّة ودون أن تعتمد على تهييج المشاعر الدّينيّة. تماما مثل بورقيبة. بورقيبة الذي يتنكّر له كارهو الدّولة والمجتمع اليوم.

وهناك مجموعة من المغالطات المروجة حول هذه المبادرة. أولاها المقارنة ضمنا بين تونس ومصر، بحيث يصبح الباجي قائد السبسي نظيرا لشفيق. وفي الحقيقة لا مجال للمقارنة بين ما يجري في تونس وما يجري في مصر. الباجي قايد السبسي رجل دولة وليس من «أزلام النّظام القديم»، وليس عسكريّا.

ـ انتبهوا : ليس عسكريّا. ليس لنا مجلس عسكريّ في تونس يهدّد الدّيمقراطيّة. لكن لنا حزب إسلاميّ لم يقطع مع ماضيه اللاّديمقراطيّ، ولم ينفصل عن السّلفيّة وكلّ ما يهدّد الدّولة والمجتمع.

والمغالطة الثانية تتمثل في نسبة هذه المبادرة إلى التجمعيين. رغم أن من أطلقها يساريّون ونقابيّون لم يكونوا يوما في نظام بن علي، وتاريخهم معروف، منهم الطّيّب البكّوش، النّقابيّ والحقوقي والسّجين السّابق في زمن بورقيبة. ثم لنقارن بين ما فعلته حكومة السيد الباجي وهذه الحكومة الشرعية». في حكومة الباجي قايد السبسي أطلقت الهيئة المستقلّة للانتخابات، وصدرت مراسيم متطوّرة وديمقراطيّة. هذه المراسيم لا تريد النّهضة تفعيلها إلى اليوم-المرسوم المنظّم للإعلام مثلا- بحيث تعطي انطباعا بأنها لا تريد حرّية التّعبير ولا تريد الدّيمقراطية بل تريد الهيمنة والحكم. الأحداث الأخيرة المتعلقة بإنكار حرية الإبداع دليل على ذلك.

إضافة إلى هذا، فإن كل ما يقال اليوم عن ضرورة إقصاء التجمعيين مناف للديمقراطية. لا يجوز أخلاقيا وقانونيا وسياسيا حرمان أي فئة من التونسيين في ممارسة النشاط السياسي. من أجرم، يجب أن يحاسب. ومن أخطأ عليه أن يعتذر، وأنا أتمنى من التجمعيين أن يعتذروا. وأعتبر أن ان كل إنسان قادر على التغير نحو الأفضل. بل لعل الخلفية الدستورية والإصلاحية للتجمعيين تجعلهم أكثر قبولا للقيم الديمقراطية من الإسلاميين الذين لم يتخلصوا بعد من الحلم بتطبيق الشريعة أو الحلم بالمجتمع المثالي أو بالخلافة. فهذه كلها أفكار لا تنتج إلا مشاريع شمولية.
vendredi 6 juillet 2012

0
ترويع للنّاس وللنساء خاصة لفرض نمط عيش محافظ.

هذه ليست إشاعة، هذه شهادة عمّا يقوم به بعض رجال الأمن في الليل من ترويع للنّاس وللنساء خاصة لفرض نمط عيش محافظ.
أين الرابطة التونسيبة لحقوق الإنسان من كلّ هذه الانتهاكات الخطيرة المتكرّرة؟

Raafa Ayadi

"A ma sortie de la closerie, en taxi, j'ai été arrêtée par les flics qui m'ont demandé ma CIN. Ils ont mis du temps à me la rendre alors j'ai demandé au flic la raison pr laquelle il m'a demandé ma carte, ce qui l'a dérangé et a commencé à me parler sur un autre ton. Il y avait d'un coup 4 flics qui criaient et qui ont demandé au taxi d'arrêter le moteur car je n'allais pas rentrer. Quelques minutes après, ils ont décidé de m'emmener au poste. Ils m'ont demandé de monter dans leur partner. J'ai refusé. Ils ont demandé au taxi de les suivre. A l'arrivée au poste des Jardins de Carthage, il y avait d'autres flics qui m'attendaient comme s'ils avaient capturé un criminel. Ils m'ont demandé d'entrer au poste. J'ai refusé en disant que ma tenue de soirée ne me permettait pas de le faire. J'ai demandé si je pouvais aller me changer et revenir, qu'ils gardent ma CIN. Ils ont forcé la porte du taxi pour me faire descendre. Là j'ai cédé. Je leur ai alors dit que 3ib ce qu'ils faisaient et que je ne leur ai rien fait ni dit et qu'ils avaient ma carte, qu'ils fassent le nécessaire. Ils m'ont répondu que j'ai eu un accrochage avec un flic et que howa cheki bya et qu'il faut que yekthou a9weli!! Le plus agressif d'entre eux, qui a forcé la porte m'a traité indirectement de trainée, et que mé yetcharafech et que s'il avait une soeur habillée kim ena rahou 7ra9ha wala 9talha!!! Dès que je sois entrée au poste avec le chauffeur du taxi auquel j'ai demandé de m'accompagner, le langage a changé: d'un coup, ils ont commencé à crier, à m'insulter, trabrib wiklem zeyed, et à vouloir me frapper. Ils m'ont agressé, emmené dans une pièce et menoté!!! L'un d'eux est arrivé, a cassé une chaise, m'a encore insulté et traité de tous les noms puis parti! Comme koi je suis ivre, 3amlouli ma7ther. Ils étaient 5 dans la pièce, et tous m'accusaient de sokrana, cherba, 7okmetelha il bal3a, bien que j'ai nié avoir bu! Ils m'ont fait signé un truc que je n'ai pu lire et m'ont dit "xxx fih"! J'ai eu la peur de ma vie! Nous sommes entrain de subir une campagne de terreur qui vise à obliger les gens à ne plus boire, à ne plus mettre d'habits osés, à ne plus veiller pour finir par ne plus sortir... Leur seul discours était l'alcool! Leur programme est en marche et les flics sont mille fois pire
jeudi 5 juillet 2012

0
شرط الذّكورة العتيق، الآتي من عفونة التّاريخ.

شروط التّرشّح الرّئاسة

برافو يا نوّاب، بما أنكم تركتم شرط الذّكورة العتيق، الآتي من عفونة التّاريخ.


لكن، وبكلّ محبّة وإخلاص للإسلام والمسلمين، ليس من باب الدّيمقراطيّة في شيء اشتراط الإسلام. لسبب بسيط وهو أنّكم بذلك تقصون : غير المسلمين من يهود ومسيحيّين، وبهائيين أيضا-في تونس ما يقرب من 1000 بهائيّ، وتقصون كذلك غير المؤمنين، وهم، بكلّ محبّة وإخلاص أيضا، كثيرون في تونس، ومن حقّهم أن يوجدوا ويعبّروا عن أنفسهم.


وفي النّهاية : من أدراكم بما في الضّمائر؟ قد يظهر أحدهم الإسلام ويبطن خلافه، فاتركوا مسائل العقيدة والإيمان إلى الإله مقلّب القلوب، والعارف بما في الصّدور.
mercredi 27 juin 2012

0
حرية الرأي والتعبير ثروة وطنية مشتركة

الخميس, 03 أيار/مايو 2012
هل بدأ تعويض آلة الحكم باستبداد الفساد والأمن بآلة الحكم باستبداد الفوضى ؟
سؤال قلق يكاد يتحوّل إلى خوف أحيانا في لحظة تاريخية يقرّ فيها الجميع بأنّ الثورة التونسية قد شرّعت أبوابا رحبة للحرية وأعلت قيمة الكرامة في ذات كلّ تونسية وتونسي. كرامة متأصلة في عمق الإنسان خلنا أنها أطاحت نهائيا بالخوف وأصبحت ممكنا قابلا للتحقق في حياتنا.
لقد جاءت الأسابيع الأخيرة بأحداث نغّصت الإحساس الطوباويّ المطمئن بأن شعارات الكرامة والحرية والعدالة والمساواة متحقّقة لا محالة الآن وهنا. أحداث ينادي فيها البعض في الساحات العامة والمساجد ووسائل الإعلام بقتل الآخر المختلف. ويحاكم فيها أفراد ومؤسسات بتهم تتعلّق بالتعبير والتفكير والاعتقاد. ويمنع فيها مفكّرون من الكلام ويعتدى فيها بالعنف على ممثلات وممثلي أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام ومعطلين عن العمل وعائلات جرحى الثورة وشهدائها.
أحداث أعادت إلى الأذهان ذاكرة الاستبداد واستقطاباتها السياسية والايديولوجية المرعبة. ولكنّها أبانت كذلك عن تردّد في الاختيار بين تحقيق أهداف الثورة بتفكيك أسس خطاب منظومة الاستبداد وآليات اشتغالها واقتراح خارطة طريق وطنية واضحة للانتقال الممكن نحو الديمقراطية، وبين محاولة بناء منظومة استبداد جديدة/قديمة تقوم على الإكراه والإقصاء والتهميش واحتكار وسائل السيطرة الاقتصادية والإدارية والرمزية.
هذا التردّد هو مبعث القلق لدى شرائح من المجتمع وسبب من أسباب تعطّل صياغة رؤية واضحة لسبل القطع مع ماضي الاستبداد السياسي وإنجاز انتظارات الناس في سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافيّة تقوم على الكرامة والعدالة.
ورغم محاولة البعض التّقليل من خطورة الأحداث الأخيرة بدعوى انحسارها في ممارسات فردية معزولة وأنها جاءت ردّا على خطاب هو الآخر استفزازي يقوم على الإقصاء، فإنها تشكّل إشكالا في حدّ ذاتها. فالتاريخ يعلّمنا أنّ منظومات الاستبداد والشمولية قامت دائما على تجريد الإنسان من وضعية الحماية القانونية لجسده وفكره وروحه تمهيدا لقتل الكرامة فيه. كما أنّها قامت على طمس شخصيته السياسية وقدرته على المشاركة في صنع القرار والتعبير عن آراءه. لذلك نفهم هذا الإصرار من بعض الأطراف على فرض "حقيقتها" المطلقة باستهداف معنَيين أساسيين من معاني الثورة :
حرية الرأي والتعبير والحريات الشخصية والجماعية.
لقد أصبح عدد هامّ من الشباب والأقلّ شبابا الذين عانوا آلام الإقصاء السياسي والاجتماعي والثقافي والقهر الجسدي والنفسي وطمس هوياتهم الخاصة بهم دعاة للإقصاء ومحتكرين "لشرعية" الثورة التي لا شرعية لها خارج شرعية شعارات الكرامة والعدالة والمساواة والحرية.
كما أصبحوا دعاة لوضع حدود جديدة مصطنعة للحريات عامّة وحرية الرأي والتعبير خاصة ولحرمان البعض منها مستعملين في ذلك فضاءات الحرية التي أتاحتها الثورة.
هؤلاء الحاملون لآلام الماضي لم يجدوا بعد لغة يحوّلون بها الألم إلى صناعة للحلم المشترك في غياب خطاب سياسي مسؤول وفي ظلّ ممارسة للسياسة تقوم على إثارة النّعرات واستثمار الخوف.
1.حرية الرأي والتعبير : الأفق المشترك الهش
لقد كانت الثورة التونسية هبّة جماعية ضدّ الاستبداد والفساد. ولكنها كانت كذلك إعادة اكتشاف لما هو مشترك بين الذّوات. هذا المشترك الذي نسمّيه كرامة حاولت آلة التخويف والإقصاء الفظّة أن تنتزعه من عقول وأرواح التونسيّات والتّونسيين بتحويل السياسي إلى مجال للخوف والإكراه بدل المشاركة، والاجتماعي إلى مجال للإقصاء والتهميش بدل المساواة والعيش معا، والاقتصادي إلى مجال للإفساد واحتكار المنفعة بدل العدالة والتوزيع العادل للثروة، والثقافي إلى مجال للخطاب الخشبي الميت بدل الإبداع والمعرفة، والقانوني إلى مجال لخدمة مصالح فئات معيّنة بدل خدمة الصالح العام وحماية الحريات.
لقد جاءت الثورة لتكشف عمقًا مدنيا عميقًا لدى التونسيات والتونسيين أطاح بآلة الخوف وأعاد مفهوم الكرامة إلى قلب مجتمعنا كلغة بناء أفق مشترك للعيش معًا.
فلم يكن ما شهِدناه في الأشهر الأخيرة من رغبة في التعبير بلا خوف وفرحة بإعادة اكتشاف إمكانات الكلمة والصورة والصوت والإشارة والتعبير الجسدي مجرّد تعبيرات منحتنا إياها سلطة ما فوقية بل كان تجسيدًا لإرادة الحياة لدى مجموعة لم تقبل بقتل رغبتها في الكرامة.
إنّ كلّ محاولة للالتفاف على هذه الإرادة، إرادة التعبير، أو لمحاولة تطويعها وتدجينها ستصطدم بإحساس الجميع أن هناك رغبة لدى البعض في العودة إلى نقطة الصّفر : نقطة الخوف وامتهان الكرامة.
لقد منحتنا الثورة من خلال حرية الرأي والتعبير والتفكير أفقًا هامّا مشتركا للعمل الجماعي من أجل القطع مع ماضي الاستبداد وتثوير رُؤانا في مجالات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على محاربة الإقصاء والتهميش والتمييز. كما منحتنا إمكانيات لاكتشاف الطاقات الفردية والتعبير عن كلّ ما هو مبدع في كلّ ذات بصفتها ذاتا تتساوي مع الجميع في الكرامة المتأصّلة في الإنسان.
ولكن هذه الإمكانات مهدّدة اليوم بمحاولات عديدة لضرب الرأي والفكر النقديين وتجريمهما وتكفيرهما وتعنيف ومحاكمة الإعلاميّات والإعلاميين ومحاصرة وسائل الإعلام العمومية ومحاولة تهميش أصوات منظمات المجتمع المدني والانتقاص من أدوارها الممكنة في الاقتراح ونقد السياسات.
ولا تقتصر هذه المحاولات على الإكراه المباشر بل إنّ هناك رغبة في إطلاق فوضى رمزيّة بالتشكيك في مفاهيم مثل حقوق الإنسان والحريات والدولة المدنية والمساواة أو بوضع مفاهيم في تعارض مطلق وصراع مثل حقوق النساء والطفل/حقوق الأسرة، والكونية/الخصوصية، والعمل المدني/العمل الخيري، والمجتمع المدني/المجتمع الأهلي، وحقوق الإنسان/العقيدة، والحرية/المسؤولية، وحرية الرأي والتعبير/حرية التفكير والعقيدة والوجدان والدين.
إنّ محاولة ضرب حرية الرأي والتعبير بالإكراه حينًا وبإطلاق فوضى مفاهيم حينًا آخر هو المدخل السيئ لإشاعة ضبابية الرؤيا ومنع الناس من فهم حاضرهم وتبين الصّراعات الحقيقية التي تقع الآن بين تصوّرات مختلفة حول المجتمع الذي نريد.
كما أنّها مدخل لإعاقة أيّ محاولة لبناء فضاءات للحوارات الوطنية الحقيقة حول استحقاقات مرحلة الانتقال نحول الديمقراطية واقتراح مشاريع مشتركة حول شكل النظام السياسي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تخرجنا من خراب الاستبداد الفاسد وتداوي جراح الماضي بالعدالة وتجد حلولا حقيقية لمشاكل حارقة مثل التشغيل والفقر والتّهميش.
إنّ مسؤولية الخطاب السّياسي والممارسة السياسية اليوم خطيرة كلّ الخطورة في الحفاظ على هذا الفضاء المشترك: فضاء حرية الرأي والتعبير وبإصلاح المؤسسات الإعلامية والرفع من قدرات الإعلاميين والإعلاميات وحمايتهم بدل عزلهم وتحقيرهم، وصيانة مجال الإعلام بتفعيل القوانين والمؤسسات التي تضمن استقلاليته وتبعده عن الاستقطابات والصراعات التي تنتج هذا الكمّ الهائل من خطابات الكراهية والثّلب والتحقير. خطابات تضرب الحريات باسم احتكار الحقيقة وتبرّر في الآن ذاته العنف والفوضى باسم الحريّات.
وهي مسؤولية تاريخية للجميع : سياسيين وإعلاميين ومشغلين في الحقل المدني لجعل حرية الرأي والتعبير الثروة الوطنية المشتركة التي تسهّل العيش معا وتبني السلم الاجتماعية والتنمية الإنسانية الشاملة.
2.حرية الرأي والتعبير والثورات المنسيّة
لقد أبرز "تسونامي" حرية الرأي والتعبير الذي أبدعته الثورة التونسية موجات من المبادرات المبدعة في كلّ المجالات وأبان عن طاقات مدنية حين وُضعت في مسارات العمل الجماعيّ والوفاقيّ. فإعدادا الإطار القانوني للمرحلة الانتقالية في الهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والحملة التضامنية التاريخية لنجدة وإغاثة اللاجئين وإنجاح الانتخابات والسنة الدراسية وحماية الموسم الفلاحي، كانت كلّها مجهودات تشاركية عبّرت عن وعي شعبي أعاد استلهام خبايا الثروات المدنية المتأصلة في ثقافتنا وتربيتنا الأساسية الأصيلة حين امتزجت بإحساسنا الفردي والجماعي باسترجاع الكرامة.
فهذا البلد استبق الزّمن العربي بإلغاء العبودية وكتابة أول دستور وإنشاء نقابة عمّالية ورابطة للدفاع عن حقوق الإنسان وتحرير النساء والطفل والأسرة والتحرّر من الاستعمار والاهتمام بالتعليم ونجدة القضية الفلسطينية في أصعب مراحلها وبلورة رؤية وسطية متسامحة للدين الإسلامي والمساهمة في كلّ حركات التجديد الثقافي والمعرفي والفني. هذا البلد أنجز ثورة مدنية شعاراتها الكرامة والمساواة والعدالة والحرية أعادت فتح إمكانات كبيرة لإعادة تعريف السياسي وثقافته على أساس المبادئ والممارسات المدنية.
ولكننا نلاحظ اليوم أنّ هذا الحراك المدني قد بدأت تخفت أصواته المتعدّدة أمام احتكار النقاش والتجاذب الحزبي لفضاءات التعبير والاستقطابات السياسوية والأيديولوجية الصّاخبة والاحتقان المتصاعدة وتيرته بين الحكومة وخصومها.
ويمكن أن نعيد هذه التجاذبات إلى انفتاح صندوق التعبير السياسي فجأة أمام التّائقين إلى العمل الحزبي وطول فترة القهر والحرمان من المشاركة في الحياة السياسية. كما يمكن أن نتفهّمها نظرا إلى جدّة الأحزاب وقلّة خبرتها وانقطاعها الطّويل عن محيطها.
ولكن حصر السياسة في نظر شعب مُنع من الثقافة السياسية على مدى عقود في صراعات بين فرقاء، قد يحوّل السياسة إلى مناسبات انتخابية تبعد الجميع عن العمل الجماعي من أجل تحقيق أهداف الثورة وتنتج مشاهد برلمانية وحكومات هشّة.
إنّ حماية فضاءات الثقافة المدنية وإبراز إمكاناتها هو السبيل لشقّ طريق أخرى ما بين العمل السياسي بمعناه التقليدي وتحريك طاقات الناس المبدعة لإيجاد حلول لمشاكلهم وبناء رؤيتهم للمجتمع الذي يريدون.
إن خفوت الصوت المدني أمام ضجة التعبير السياسوي الضيّق والاستقطابات سيزيد من "مناطق الظلّ" في القضايا المطروحة ويعطّل النظر الجماعي في ثورات منسيّة كانت هي الثورات الحقيقية التي أطلقتها تونس.
إنّ الخروج من فخّ إرجاع الخطاب السياسي والممارسة السياسية إلى الشرعية الانتخابية فقط وإلى التموقع الحزبيّ سيعيد الثّقة إلى الناس في ثورتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أطلقوها.
ولعلّ تحييد بعض المواضيع عن الصراع والاستقطاب وإعادتها إلى أفقها المدني، أفق المشاركة الواسعة في الحوار والتعبير والبحث عن الحلول الجماعية، هو الذي سيحمي البلاد من رؤية قدرية تخيّر الناس بين الاستسلام للاستبداد أو الفوضى.
إنّ مواضيع من قبيل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات وصيانة سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية عادلة والنهوض بحقوق الإنسان والحريات وحياد الإدارة هي مجالات يجب أن تحيّد عن الاحتكار والصّراع وتُصاغ تصوّراتها وحلولها جماعيا في إطار فضاءات ثقافية سياسية مدنية تنأى بالناس عن فضاضة التهميش والإقصاء وتحمي قدرتهم على التعبير والمشاركة.
لقد أدخلتنا ثورة تونس، بل أدخلت العالم كلّه، في مرحلة جديدة من مسارات متعدّدة أصبح فيها الاستبداد بمعناه الشمولي سواء كان ايديولجيا أو سياسيا أو أمنيا أو ماليا أمرًا غير قابل للتحقّق في نفوس المستبدّين. ثورة أطلقت كلّ الطاقات الفردية والجماعية للخروج من عوالم الخوف والفاقة. ولكنّها ثورة ملأى بالهشاشة والانتظارات والمخاطر التي لا يمكن مواجهتها بدون ثقافة سياسية جديدة تقوم على التضامن في المسؤولية والمواطنة والحرية

Ben Hassen
 
Dr Raja Ben Slama Blog | © 2010 by DheTemplate.com | Supported by Promotions And Coupons Shopping & WordPress Theme 2 Blog | Tested by Blogger Templates | Best Credit Cards