في الرّد على اتهامات السيد أحمد الكحلاوي
رجاء بن سلامة
بدأنا في تحقيق ثورة من أجمل ثورات القرن الحادي والعشرين : ثورة مدنيّة سلميّة طالبت بالكرامة والحرّيّة والعدالة والمساواة ونجحت إلى الآن في إرساء شروط الانتقال الدّيمقراطيّ رغم كلّ العقبات وكلّ وجوه الثّورة المضادّة. بدأنا جميعا نشعل الشّموع، فإذا بنا نجابه بمن لا يشعل الشّموع بل يلعن الظّلام، ولا يلعن الظّلام إلاّ ليطفئ الشّموع، وهو لا يلعن في الحقيقة سوى ظلامه الخاصّ.
هذا الاستهلال لكي أبدي تعجّبي واستنكاري من الادّعاءات التي نشرتها صحيفة الصّباح على لسان السّيّد أحمد الكحلاوي، عندما قال بالحرف الواحد : "وقد نشرت صحف صهيونية أخبار هذه الزيارة –زيارة إسرائيل-كما نشرت أخبار زيارة رجاء بن سلامة وزوجها السيد عبد الباسط بالحسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان. (الصباح يوم الأحد 19 جوان 2011).
ردّي الشّخصيّ المختصر على هذا الاتّهام أنّني لم أزر إسرائيل منذ أن ولدت إلى اليوم، مع أنّني كنت دائما أساند مناضلات ومناضلي السّلام من مختلف أنحاء العالم ممّن وهبوا أعمارهم وقتلوا برصاص إسرائيل ودهستهم دبّاباتها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، دفاعا عن حقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره.
استغربت نشر صحيفتكم لاتّهامات لا أساس لها من الصّحّة، واستغربت نشر صحيفتكم لحوار بهذا المستوى الأخلاقيّ والفكريّ، حوار ليس فيه من محتوى سوى التّشهير والقذف والتّحامل على كلّ المبدعين والمثقّفين وعلى المؤسّسات الحقوقيّة العربيّة التي يشهد لها الفلسطيّون والفلسطينيّات بدعمها المتواصل لهم. إنّها محاكم تفتيش من نوع آخر وإنّه تحريض على العنف من نوع آخر لا يقلّ خطورة عن التّكفير الذي عانينا منه طويلا، وانتظرنا طويلا حتّى تتجاوزه جميع الأطراف الفاعلة في السّاحة العموميّة.
صحيفتكم من أهمّ اليوميّات التي رجونا منها أن تقوم بدور أساسيّ في مصاحبة عمليّة الانتقال الدّيمقراطيّ ونشر قيم الحوار المتمدّن والحرّيّة المسؤولة. فأين هذا الحوار بكلّ ما جاء فيه من ثلب وإقصاء وأحكام مطلقة قاسية، أين هو من أخلاقيّات المهنة التي طالما حلمنا بها تحت كابوس نظام بائد كرّس صّحافة فضائحيّة آكلة للحوم المثقّفين والمناضلين والمنظّمات الحقوقيّة؟
الحقد لا يولّد فكرا، بل يولّد صراخا وهوسا، والتّشويه المتعمّد لا يولّد حوارا وطنيّا بل يولّد عنفا ووأدا للآفكار والآمال والأحلام، والثّلب ليس تعبيرا حرّا بل مهاترات لامسؤولة. إنّه إجرام في حقّ الفكر والمفكّرين. إجرام من ليس له من مشروع سوى إعدام كلّ المشاريع.
سأوكل للقضاء التّونسيّ مهمّة فضح أكاذيب السّيد أحمد الكحلاوي من أجل تبيان الحقيقة للرّأي العامّ ومن أجل وضع حدّ لسطوة من يستعمل الكلمة لمحاولة إخماد صوت الآخرين.
أوقفوا هذا الهذيان من أجل تونس ومن أجل الأجيال القادمة. هذا هو ندائي في انتظار أن يقول القضاء كلمته، وأنا على يقين من أنّه سيجد آذانا صاغية