mardi 31 juillet 2012
vendredi 27 juillet 2012
محاولة تفكير حول علاقة التّمييز بالتّصوّرات البيلوجيّة وبـ"الفطرويّة
مقالي اليوم في موقع "الأوان"، وفيه محاولة تفكير حول علاقة التّمييز بالتّصوّرات البيلوجيّة وبـ"الفطرويّة".
ا التّمييز أو نسيان "العقل والوجدان
التّمييز أو نسيان "العقل والوجدان"
الجمعة 27 تموز (يوليو) 2012
بقلم: رجاء بن سلامة يتغذّى التّمييز* من النّسيان والغفلة. فهو يضع الأقنعة حتّى ننسى أنّه تمييز، بحيث يتمّ تمرير أبنيته وسلوكيّاته وكأنّها بديهيّة بداهة طلوع الشّمس كلّ صباح. ولكنّ التّمييز قائم على نسيان أساسيّ هو نسيان "العقل والوجدان" باعتباره أساسا للتّشابه بين البشر وأساسا للاختلاف الخلاّق بينهم. إنّه يعتمد، في الكثير من مظاهره، على البيولوجيا لجعل الفوارق ماهوّيّة، ولتأسيس الفوارق والميزات عليها.
سأحاول طرح هذه القضيّة انطلاقا من بعض الوقائع. فالمفاهيم والتعريفات تحتاج إلى الواقع حتى نرفع عنها ما تراكم من التباس، أو نثريها أو نبين تعقدها. فكّ الصلة بين مفاهيم حقوق الإنسان والواقع في تعدده وتشظيه يؤدي إلى خطاب يمكن أن يدخل في باب "اللغة الخشبية" التي تنفّر الناس من كل المواضيع مهما كانت أهميتها.
فـ"الرّبيع العربيّ" بكلّ ما أتى به من عواصف وحرائق فتح إمكانيّات الصّدوح بطلب الحقّ، وفتح إمكانيّات العمل مع النّاس، وبلغة قريبة من لغتهم ومن معيشهم. لم يعد النّاشطون في مجال حقوق الإنسان ضحايا، بل أصبحوا فاعلين ومسؤولين، ومن أهمّ مظاهر الفاعليّة تسمية الوقائع وربط الصّلة المتجدّدة بينها وبين القيم المنشودة.
-"كيف كيف"، "زيّ بعض"…
هذه التّعابير العامية التي نستعملها للمطالبة بالمساواة تنصب لنا فخاخا، لأنّها لا تعبّر بدقّة عن مفهوم المساواة، فتجعلها مرادفة للتّشابه. كنت أقول لوالدتي مطالبة بالمساوة بيني وبين ذكور الأسرة ما معناه إنّ النساء والرّجال "كيف كيف"، فكانت المسكينة تستغرب : هل سيقدر الرّجال على الحمل؟ هل سيكون لك أنت ما للرّجال؟ كانت تردّ مطلب المساواة إلى البيولوجيا، وأنا أريد شيئا آخر، لم أكن قادرة على التّعبير عنه لأنّني كنت أحدس بالحقّ ولا أحسن المطالبة به.
لا لوم على والداتنا اللاتي عشن قهر الحرمان من المعرفة ومن المشاركة في الحياة العامّة، وهذا أيضا تمييز قديم يجب أن نتذكّره، بل اللّوم على من يستغلّ اليوم ارتباط المساواة بالتّشابه ليخلط الأوراق ويشوّه المطالبة بالحقّ.
فالتّشابه مصدر للمساواة، ولكنّ المساواة لا تعني التّشابه. أي أنّ علاقتهما علاقة استتباع لا ترادف. المساواة ناتجة عن الاشتراك في البشريّة. فالنّاس "أولاد تسعة أشهر" كما نقول في تونس، وخلقوا "من نفس واحدة" حسب التّصوّر القرآنيّ، ولذلك فإنّهم متساوون. ولكنّ هذا الأساس للمساواة والتّشابه غير كاف، لأنّه موجّه إلى الأصل دون المصير، أصل الإنسان وهو في بطن أمّه، وأصل البشريّة وفق تصوّر يجعل الأصل وحدة قبل الافتراق، وأحاديّة قبل الاختلاف. ولذلك فإنّ أكمل تعريف للتّشابه الذي تشتقّ منه المساواة هو ذاك المفتوح على المصير، والمؤسّس للحقّ : "يولد جميع النّاس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء." ((المادّة الأولى من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان)
فما هو المصير إن لم يكن الحريّة؟ وما الحرّيّة إن لم تكن اختلافا بعد التّشابه، ورغم التّشابه؟
المرأة مساوية للرّجل، وسوء الفهم المتأصّل يكمن في أنّها قد تصبح كالرّجل عندما تكون مساوية له. كلاّ، فالمساواة في البشريّة لا تعني تشابه المصائر، والمساواة في البشريّة لا تعني الانتماء البيولوجيّ إلى النّوع نفسه، بل تعني العقل والوجدان وفرادتهما. ولذلك فإنّ المرأة يمكن تبقى امرأة محافظة على أنوثتها ومبدعة لها خارج الأنماط المعهودة. بل إنّها لن تقدر على إبداع أنوثتها إلاّ بفضل مساواتها بالرّجل، وإلاّ فإنّ هذه الأنوثة ستكون أنوثة معلّبة على مقاس التّقاليد الذكوريّة.
وبما أنّ المرأة عنوان للاختلاف، وأّوّل اختلاف يكتشفه الطّفل سواء كان ذكرا أم أنثى، وبما أنّ قضيّتها ذات قيمة "جدوليّة" فإنّ مساواتها واختلافها ينطبقان على الكثير من المختلفين والمهمّشين. فذو البشرة السّوداء مثلا مساو للأبيض. وذلك لا يعني أنّ الأسود يجب أن يتحوّل إلى أبيض. فعل ذلك مايكل جاكسن، وكان مصيره حزينا. لم يقبل بسواده وملامحه الإفريقيّة، وكان فنّانا موهوبا، وكانت للمعجبين به، وأنا منهم، غصّة ناتجة عن هذه العنصريّة الذّاتيّة التي استبطنها. هل نسي أنّ له عقلا ووجدانا، وأنّهما الأساس؟ هل اعتبر الاختلاف في لون البشرة أهمّ من الاختلاف الذي مردّه "العقل والوجدان"؟ هل يمكن أن نقول إنّ المساواة تكون منقوصة إن لم تتأسّس على النّهوض بعبء الاختلاف وعلى تحويله إلى حرّيّة؟
ذلك أنّ المساواة لا معنى لها بدون حرّيّة، والحرّيّة لا معنى لها إن لم تكن اختلافا وقدرة على الاختلاف. والوهم العنيد يكمن في اعتبار البيولوجيا أساسا للاختلاف الحتميّ الثّابت، بدل اعتبار العقل والوجدان أساسا للاختلاف اللاّنهائيّ الذي هو حرّيّة.
فأكثر ما يرمز إلى اختلاف البشر وفرادة كلّ واحد منهم بصماتهم الجسدية، ولكن لهم بصمات وجدانية وفكرية تظهر في كلامهم وأهوائهم ومشاربهم المختلفة. إنّها "الذاتيّة" التي بها تتأسّس هويّة الإنسان واختلافه في آن. فلا حرّيّة بلا اختلاف تنهض بعبئه ذات واعية بنفسها.
عن التّشابه إذن تترتّب المساواة، وعن التّشابه المفتوح على الاختلاف يترتّب المصير، وعن الاختلاف تترتّب الحرّيّة، ولذلك فإنّ الحرّيّة اختلاف أوّلا وقبل كلّ شيء : اختلاف في الرأي والعقيدة واللّون وأمور كثيرة. هذا الاختلاف الذي هو مصدر للحرّيّة يجب أن لا يكون مصدرا للتّمييز : "لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع أخر. (المادّة 2 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان)
ولا يكفي أن نقول إنّ هذه الاختلافات يجب أن لا تكون مصدرا للتّمييز، بل يجب أن نقطع شوطا إيجابيّا آخر لنقول إنّها ينبغي أن تكون مصدرا للحرّيّة، أي الاختلاف. كلّ ما جاء بعد عبارة "على أساس" هو أساس ممكن لاختلافاتنا وبصماتنا الفريدة اللاّمتناهية.
2- "كلّ الحيوانات متساوية، لكنّ بعض الحيوانات أكثر مساواة من بعض "
هذا ما نقرأه في قصّة "ضيعة الحيوانات لجورج أروال الصادرة سنة 1945. بعد أن قامت الحيوانات بالثورة وظهرت فئة جديدة من المنتفعين بالامتيازات، تمّ تغيير أحد مبادئ الثّورة السّبعة. فكان هذا البند الجديد المراوغ "كلّ الحيوانات متساوية، لكنّ بعض الحيوانات أكثر مساواة من بعض ".
لم يلغ المنتفعون الجدد أو "الرّاكبون على الثّورة" كما نقول اليوم بند المساواة، قائلين مثلا : ليست كلّ الحيوانات متساوية"، بل أضافوا استثناء مضحكا ينفي نفسه بنفسه. إنّ في هذه الجملة تعبيرا عن لجوء التّمييز إلى أقنعة تسمّيه بطرق مختلفة.
التّمييز في العصور القديمة كان واضحا وكان أقلّ حاجة إلى التبريرات الإيديولوجيّة. العبوديّة كانت بديهيّة ولم تكن في حاجة إلى التّبرير، وكذلك المنزلة الدّونيّة للنّساء. كانت هذه المنزلة تحتاج إلى بعض أساطير الخلق التي تبيّن أنّ الرّجل أصل والمرأة فرع، وبعض القوانين والأحكام. أمّا في العصر الحديث، فلقد تغيّرت الأمور حسب رأيي، بحيث أصبح التّمييز لا يقول عن نفسه تمييزا بل يجد تسميات أخرى له، وحججا، بل رأينا نظريّات علميّة تظهر لتبريره مثل النّظريّات العنصريّة التي تعقد الصّلة بين السّمات الفزيولوجيّة الموروثة والسّمات الثّقافيّة والاجتماعيّة لمجموعة معيّنة أو فئة معيّنة، وتفترض أفضليّة العرق الأبيض على بقية الأعراق، أو أفضليّة فئات اجتماعيّة على فئات أخرى.
ذلك أنّ التّمييز يحبّ البيولوجيا وينسى "العقل والوجدان". ففي القرن التّاسع عشر أولع العلماء الأوروبّيّون بقيس الجمجمة ثمّ بقيس الدّماغ ووزنه. فاعتبروا مثلا أنّ جمجمة المرأة تنقصها الحدبة الخاصّة بالرّياضيّات. وفي النّصف الثّاني من القرن التاسع عشر اشتغل الطّبيب الفرنسيّ بول بروكا Michel Broca (1824-1880) في مجال وزن الدّماغ والذّكاء، وتوصّل إلى أنّ "معدّل كتلة الدّماغ أهمّ عند الرّجل مقارنة بالمرأة، وأهمّ عند الرّجال البارزين مقارنة بالرّجال الوضعاء، واهمّ عند الأعراق العليا مقارنة بالأعراق السّفلى."(1)
وفي القرن العشرين أنتج الكثير من منظّري الإسلام السّياسيّ نظريّات شبه بيولوجويّة كهذه تبرر التمييز ضد النساء. فمتولي الشعراويّ (1911-1998) مثلا ينتقي من بعض معطيات البيولوجيا الحديثة، ما يبين به سلبية المرأة واختلافها الماهوي عن الرجل. يقول مثلا : "إنّ المواقعة بين الرّجل والمرأة يقوم الرّجل فيها بدور إيجابيّ لأنّه يقذف الحيوان المنويّ مؤهّلا للإخصاب، وهو في هذه الحال يبذل جهدا كبيرا ويسفح طاقة هائلة لقاء قذف هذه المحتويات الحيويّة، ولكنّ دور المرأة سلبيّ لأنّ إفرازاتها أثناء الممارسة الجنسيّة لا تحمل عنصر الحياة في توّها إنّما المقصود من هذه الإفرازات تشحيم الذَّكَر (القضيب) حتّى يسهل الإيلاج وحتّى لا تصادفه أيّة صعوبة أثناء الإتيان (…) لذلك فالرّجل دوره إيجابيّ والمرأة دورها سلبيّ أو أقلّ إيجابيّة"(2).
ما قول الشعراوي في الرجل المازوشي الذي يريد من المرأة أن تضربه بسوط وتقيّده؟ أليست الأمور معقدة والقسمة بين "السلبي والإيجابي" موجودة داخل الإنسان الواحد وداخل كل زوج، بحيث أنها لا تتطابق تماما مع ثنائي "مذكر ومؤنث؟
طبعا المعارف الأحدث فنّدت كل هذه الأساطير، وبيّنت أنّ الإيديولوجيا تخترق العلم، وانّ البيولوجيا بناء ثقافيّ للجسد وليست عرضا موضوعيّا له.
3- مختلف عنّي، إذن يستفزّني
آخر ما شهدته من التّمييز المقنّع نظريّة "الاستفزاز" الكامنة وراء الكثير من الخطابات المحافظة اليوم، ومفادها أنّ ما ينتجه المختلف عنّي من فنّ أو أفكار يستفزّ مشاعري الدّينيّة. والنّتيجة هي أنّ كلّ عنف نحو هذا المختلف يمكن تبريره، والنّتيجة هي تصادم الحقول والمرجعيّات، وتحوّل حرّية عمرو إلى اعتداء على "حقيقة" زيد.
هذه النّظريّة كسابقاتها قريبة من البيولوجية، إلاّ أنّ المعنيّ بالبيولوجيا فيها ليس ضحيّة التّمييز، بل ذاته. إنّها تقوم على فكرة الفعل وردّ الفعل أو الاستجابة، وتلغي لدى الإنسان العقل الذي يسمح له بالتّحكّم في دوافعه العدوانيّة، وتلغي إمكانيّة التّفكير قبل ردّ الفعل، وتلغي الوجدان، وإمكان التّعاطف بأخوّة مع المختلف، حتّى وإن اعتبر خاطئا وفق منظومة معياريّة بعينها.
فمن المفيد أن يلحق النّاشطون في مجال حقوق الإنسان نظرية الاستفزاز هذه بالتمييز، وأن يفكروا في تبعات التعصب الديني أو الإيديولوجي من وجهة النّظر هذه. فربما يكون التعصب من "العصبية"، بحيث أن المختلف، ومن ليس منا لا يحق له الوجود.
4- في سنة 2001 انفجر مصنع إنتاج الأسمدة البتروكيميائية بمدينة تولوز (جنوب غرب فرنسا). كان هذا الانفجار كارثة أدت إلى خسائر مادّيّة وإلى مقتل 31 شخصا وإصابة الآلاف بجروح. تمّ جبر الأضرار وتلقّت كلّ الضّحايا تعويضات حتّى على الصّدمة النّفسيّة التي تعرّضوا إليها جرّاء هذه الكارثة. لكن ما نسيه الجميع هم المقيمون بأقرب مبنى إلى المصنع : إنّهم نزلاء مستشفى الأمراض العقليّة. هؤلاء لم يعتبروا ضحايا ولم يتلقّوا أيّ تعويض.
هل تمّ نسيانهم على افتراض أنّهم فاقدوا العقل؟ لكنّهم ليسوا فاقدي العقل تماما، وعلى ألأقلّ ليسوا فاقدي الوجدان.
وإذا تأمّلنا تعريف التّمييز كما جاء في المادة الثانية من الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان، فإنّنا لن نجد هذا النّوع من التّمييز على أساس الصّحّة العقليّة أو النّفسيّة.
هذا يعني أنّ أسس التّمييز لا حصر لها، ومنها ما لا نعي به، بل نكرّسه ببداهة أو نعيد إنتاجه وكأنّنا في غيبوبة. وهذا يعني أنّ حقوق الإنسان ليست قائمة ثابتة من الأحكام والقيم بل مشروع لا ينتهي.
فحقوق الإنسان مشروع مفتوح لا شريعة مغلقة. وعبارة "العقل والوجدان" هي التي تفتح التّشابه على الاختلاف، والأصل على المصير، فتخلّصنا من الحتميّات البيولوجيّة والأساطير الفطرويّة التي تؤسّس لتشابه منقوص لأنّه بلا ذاتيّة ولا مصير، أو تؤسّس لاختلاف مشبوه لأنّه بلا مساواة ولا حقّ.
*هذا المقال ثمرة لقاء جمعني يوم 7 جويلية 2012 بالمتدربات والمتدربين في الدورة الإقليمية لحقوق الإنسان-دورة عنبتاوي- التي ينظّمها المهد العربيذ لحقوق الإنسان سنويّا.
الهوامش
Peters Georges, Racismes et race, Lausanne, 19861-
2-شعراوي الإمام محمّد متولّي: الفتاوى: كلّ ما يهمّ المسلم في حياته ويومه وغده، أعدّه وعلّق عليه د. السّيّد الجميلي، ج1. دار العودة، بيروت 1987، 2/203.
lundi 23 juillet 2012
ما تعتبره أنت، وفقا لمعتقدك وفكرك "معصية" يعتبرها غيرك "حرّيّة شخصيّة"
كتب أحدهم :
"والله استغرب التحريض من استاذة جامعية على المعصية والمنكرة بل ارتكاب المحرمات باسم الحرية . الله يمهل ولا يهمل يا حضرة الأستاذة.
شكرا واصلي هذه رسالتك !!!! كرهك للنهضة لا يشفع لك"
وجوابي على هذه الرّسالة ومثيلاتها : أنّنا في بلاد ديمقراطيّة، يعني أنّ ما تعتبره أنت، وفقا لمعتقدك وفكرك "معصية" يعتبرها غيرك "حرّيّة شخصيّة" لأنّه لا يشاطرك المعتقد والفكر، وربّما يختلف عنك في تأويل للنصوص الدّينيّة.
القيم الديمقراطية هي التي تجعلني أتعايش معك، وتجعلني أقيّم حزب النّهضة وفقها، وتجعل القانون يحميني من تهديداتك وتهديدات غيرك.
"والله استغرب التحريض من استاذة جامعية على المعصية والمنكرة بل ارتكاب المحرمات باسم الحرية . الله يمهل ولا يهمل يا حضرة الأستاذة.
شكرا واصلي هذه رسالتك !!!! كرهك للنهضة لا يشفع لك"
وجوابي على هذه الرّسالة ومثيلاتها : أنّنا في بلاد ديمقراطيّة، يعني أنّ ما تعتبره أنت، وفقا لمعتقدك وفكرك "معصية" يعتبرها غيرك "حرّيّة شخصيّة" لأنّه لا يشاطرك المعتقد والفكر، وربّما يختلف عنك في تأويل للنصوص الدّينيّة.
القيم الديمقراطية هي التي تجعلني أتعايش معك، وتجعلني أقيّم حزب النّهضة وفقها، وتجعل القانون يحميني من تهديداتك وتهديدات غيرك.
ألم يصلكم حديث الثّورة، وترديد شبابها : "لا خوف بعد اليوم"؟
dimanche 22 juillet 2012
حرّيّة عدم العبادة ليست اعتداء على العبادة
مقال الأستاذ أبو خولة المنشور بإيلاف يوم 15 أكتوبر 2006، تحت عنوان "اجتهادات تونسية للإفطار في رمضان "، فيه الكثير من الوجاهة، ومن الحجج المستقاة من داخل المنظومة الدّينيّة على إمكان تطوير فريضة الصّيام، وإعادة تأويلها وفق مقتضيات العصر. ورغم أنّني أحترم رأيه وأدافع عن حقّه الشّخصيّ في الاجتهاد وإعادة التّأويل، بل وأعتبر مثل هذه الدّعوات دليل حيويّة وسير في اتّجاه خلق تديّن من نوع جديد، فإنّني من موقعي المتواضع كمدافعة عن الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان، أذهب مذهبا آخر في المطالبة بإصلاح سلوك المسلمين في رمضان، لأنّني أعتقد أنّ أمور العبادة في حدّ ذاتها لا يمكن أن تكون مجال مطالبة حقوقيّة، ومجال تدخّل للقانون وللدّولة، إنّما هي مجال اجتهاد شخصيّ داخل المجموعة الدّينيّة نفسها، أو مجال حوار واجتهاد بين القائمين على أمور المقدّس، أو مجال مطالبة من قبل المنتمين للمجموعة العقديّة الواحدة، كما هو الشّأن في مطالبة النّساء المؤمنات بإمامة الصّلاة، فهي مسألة داخليّة موكولة إلى ضمائر النّاس المنتمين إلى الدّين الواحد، والأفضل للدّولة أن لا تتدخّل فيها إلاّ بحماية حرّيّة الرّأي والمعتقد للجميع.
وما يدعونا إلى اتّخاذ هذا الموقف ليس عسر تغيير العبادات لما تحاط به من هالة قدسيّة فحسب، بل الأمران المواليان :
1- يجب أن نحافظ على الفصل الذي طالب به بعض المصلحين بين العبادات والمعاملات، فالعبادات مجال العلاقة الأفقيّة بين الخالق وعبده، وهي موكولة إلى ضمير الإنسان وعقيدته وحياته الخاصّة، والمعاملات مجال العلاقات البشريّة الأفقيّة وهي موكولة، أو يجب أن توكل إلى القوانين المدنيّة الوضعيّة، وكلّ ما نطالب به من مساواة وحرّية ومن تحوير للقوانين المعمول بها يتنزّل في هذا الباب.
أنصار الشّريعة، وأنصار مبدإ "الإسلام دين ودولة" يريدون إسقاط العموديّ على الأفقيّ، أي يريدون تحويل هذا الدّين إلى إيديولوجيا شموليّة تقنّن كلّ مجالات الحياة من عبادة وقانون وسياسة وأخلاق وسلوك يوميّ، فهم يرفضون القيام بهذا الفصل الذي يحرّر النّصّ الدّينيّ من استعمالاته البشريّة المعاملاتيّة. هذا الفصل بين العبادات والمعاملات هو الذي يساعدنا على جعل الدّين تجربة فرديّة مستبطنة وروحانيّة، قد تكون حافزا على احترام المبادئ الأخلاقيّة السّامية التي لم تلغها التّطوّرات الحديثة، ومنها احترام الحياة، وحرمة الجسد الحيّ والجسد الميّت، والتّكافل الاجتماعيّ، والرّحمة، والرّفق بالوالدين، وعدم حبّ المال والجاه حبّا جمّا... هذه القواعد الأخلاقيّة العامّة هي غير الشّريعة التي تفرض نظاما للمعاملات قائما على اللاّمساواة بين المرأة والرّجل، والعبد والحرّ، والمؤمن وغير المؤمن، واللّقيط والصّريح النّسب... وهذه المبادئ الأخلاقيّة العامّة، هي خلافا لأحكام الشّريعة غير متناقضة مع منظومة حقوق الإنسان، بل يمكن أن تكون مصدرا من مصادر تطويرها المستمرّ.
2- العلمانيّة على النّمط الذي أرساه كمال أتاتورك، رغم ما قامت عليه من إيجابيّات، ولّى عصرها ولم تعد ممكنة اليوم، بل ربّما تتناقض مع العلمانيّة الدّيمقراطيّة التي نطمح إليها، وهي ترمي إلى إرساء قواعد للعيش المشترك بين كلّ الأديان، وبين المؤمنين وغير المؤمنين، ولا ترمي إلى فرض قواعد معيّنة في السّلوك الفرديّ. العلمانيّة ولا شكّ تقتضي تغييرا لمجال المعاملات، وهذا ما نجح فيه إلى حدّ كمال أتاتورك وبورقيبة كلاّ في زمانه وفي سياقه، وقد أعطت تجربتهما أكلها في تحرير المرأة والتّحديث الاجتماعيّ. ولكنّ محاولتهما في تغيير معتقدات النّاس وعباداتهم ليست محبّذة وليست ممكنة اليوم.
فالسّياق الرّاهن غير سياق الزّعماء الكاريزميّين الذين يطوّرون مجتمعاتهم، أمثال أتاتورك وبورقيبة، بل هو سياق زعماء من نوع آخر، لا يحملون مشاريع للبناء والتّحوّل الاجتماعيّ، بل يحملون شعارات للتّجييش الدّينيّ والعاطفيّ ولا يهدفون إلى البناء بل يهدفون إلى الصّدام والمواجهة، ويكفي أن يكونوا مجرّد دعاة أو قادة لميليشيات حزبيّة. هؤلاء هم الذين تتماهى معهم الأغلبيّة، بل ويتماهى معهم جزء هامّ من النّخب اليساريّة والقوميّة التي أصبحت تفتخر بعدم إعمال العقل، وتتباهى بعدم الاهتمام بالمشروع المجتمعيّ الذي تخفيه عباءات هؤلاء الزّعماء.
أمام هذا التّراجع الطّفوليّ للنّخب وللشّعوب، وهذا الانحدار في طبيعة الزّعماء الجدد، لا يسعنا اليوم إلاّ أن نتمسّك بتعويض التّعويل على الزّعماء بالتّعويل على الحركيّة الاجتماعيّة والثّقافيّة التي تؤدّي، وإن ببطء، إلى التّأثير في صانعي القرار، والتّأثير في المنظومات التّربويّة والإعلاميّة والثّقافيّة، ولذلك نكتب ونطالب، ونأمل.
ولنعد إلى قضيّة فريضة الصّيام، لنقول إنّ بين العبادات والمعاملات مجال تقاطع، يتمثّل في القواعد المدنيّة التي لا بدّ من فرضها لكي لا تكون عبادة المؤمن سلبا لحرّيّة غير المؤمن، أو غير المتعبّد، وهذا مكمن الدّاء الذي أردت لفت الانتباه إليه، لأنّه مؤشّر آخر من مؤشّرات عدم التّسامح، وعلامة أخرى من علامات التّناقض بين خطاب التّسامح من ناحية والممارسات والقوانين السّائرة في اتّجاه آخر، والتي أصبحت مسلّمات وبديهيّات غير قابلة للنّقاش. هناك فئات من غير الصّائمين تفرض عليهم قواعد الصّيام وتفرض عليهم في بعض البلدان العربيّة عقوبات قانونيّة يعدّ وجودها نفسه إخلالا بالحرّيّات الأساسيّة : المؤمنون غير القادرين على أداء الفريضة، أو المؤمنون الذين أوصلهم اجتهادهم الشّخصيّ إلى إمكان عدم القيام بالفريضة، والمؤمنون الذين اختاروا أن يكونوا مؤمنين دون أن يأدّوا الطّقوس الدّينيّة، وهؤلاء يعبّر عنهم باللّغة الفرنسيّة بـ"غير الممارسين" للشّعائر (وهي عبارة ليس لها مقابل حديث في العربيّة، وللأمر دلالة). نضيف إلى هذه الأصناف : معتنقي الأديان الأخرى من المواطنين والأجانب، واللاّأدريّين واللاّدينيّين والملحدين. هؤلاء جميعا لا مكان لهم في ظلّ الممارسة الحاليّة لفريضة الصّوم في البلدان، بل هم ضحايا للمقاربة الشّموليّة للإسلام، وهي في هذا المجال مقاربة يشترك فيها الإسلام السّياسيّ مع الإسلام الرّسميّ، مع الإسلام الشّعبيّ الذي غذّت فيه الفضائيّات بؤر التّعصّب والنّرجسيّة الجماعيّة. وهو ما جعل رمضان رغم مباهجه وفوانيسه الجميلة وسهراته الحافلة يتحوّل إلى جحيم دنيويّ بالنّسبة إلى غير الممارسين لهذه العبادة. فالمطاعم والمقاهي تغلق في النّهار أو تفتح على نحو يشعر فيه المفطر بالمهانة، إذ توصد عليه الأبواب وكأنّه يقترف جريمة نكراء، ويلاحق بالنّظرات المستنكرة. ويمنع بيع المشروبات الكحوليّة للجميع، ويعتبر أيّ جهر بالإفطار اعتداء على حقوق الصّائمين، والحال أنّ حقوق الصّائمين مكفولة ولا يعتدي عليها أحد.
ما يمارس من عنف على غير الصّائمين في هذا الشّهر يدلّ على أنّ التّعصّب ليس حالة خاصّة أو إيديولوجيا معزولة، بل نمط من العيش ونظام للعلاقات بين النّاس ومناخ فكريّ. ولعلّ النّموذج الذي نجح في بنائه الإسلام المتعصّب بأنواعه هو نموذج المسلم الذي نقدّمه كالتّالي :
• المسلم العاجز عن التّحكّم في غرائزه، والذي يسيل لعابه طوال اليوم، يسيل لعابه كلّما رأى مفطرا في رمضان، كما يسيل لعابه كلّما رأى جزءا من جسد امرأة : شعرا أو وجها أو مجرّد أذن.
• نموذج المسلم "المسلوخ" الذي لا جلد يقيه من الجروح، فكلّ شيء يعدهّ مهينا له جارحا لعواطفه ولعقيدته. ولذلك فهو يقضي يومه وليله في رصد ما يقال وما يكتب عن الإسلام، وفي التّألّم من جراح المشاعر والعواطف.
• نموذج المسلم الذي لا يعبد اللّه لمحبّته إيّاه، بل ليحصل في كلّ لحظة على الثّواب والجزاء، ولذلك فهو يحوّل مأكله وملبسه وكلامه إلى عبادة متواصلة، أو إلى مؤسّسة للرّبح الآخرويّ، ويختزل علاقاته بالنّاس في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
• نموذج المسلم الذي ينتمي إلى عصرين في الوقت نفسه، فيحوّل المؤسّسات الدّيمقراطيّة إلى منابر لإنتاج القرارات المنافية للدّيمقراطيّة، ويحوّل كل مطالبة بالحرّية إلى مطالبة بالحقّ في العبوديّة.
والنّتيجة هي أنّ المسلم أصبح كاريكاتورا للإنسان الحديث، لا لأنّ الإسلام أراد له ذلك، بل لأنّه أراد هذا الإسلام، أو أراد هذا للإسلام.
إذا اقتنعنا بأنّ الإيمان لا يفرض بحدّ السّيف، فيجب أن نسلّم بأنّ الشّعائر الدّينيّة لا تفرض بحدّ القوانين الجزائيّة والتّدابير الإكراهيّة، وبأنّ حرّيّة عدم العبادة ليست اعتداء على الحقّ في العبادة.
وما يدعونا إلى اتّخاذ هذا الموقف ليس عسر تغيير العبادات لما تحاط به من هالة قدسيّة فحسب، بل الأمران المواليان :
1- يجب أن نحافظ على الفصل الذي طالب به بعض المصلحين بين العبادات والمعاملات، فالعبادات مجال العلاقة الأفقيّة بين الخالق وعبده، وهي موكولة إلى ضمير الإنسان وعقيدته وحياته الخاصّة، والمعاملات مجال العلاقات البشريّة الأفقيّة وهي موكولة، أو يجب أن توكل إلى القوانين المدنيّة الوضعيّة، وكلّ ما نطالب به من مساواة وحرّية ومن تحوير للقوانين المعمول بها يتنزّل في هذا الباب.
أنصار الشّريعة، وأنصار مبدإ "الإسلام دين ودولة" يريدون إسقاط العموديّ على الأفقيّ، أي يريدون تحويل هذا الدّين إلى إيديولوجيا شموليّة تقنّن كلّ مجالات الحياة من عبادة وقانون وسياسة وأخلاق وسلوك يوميّ، فهم يرفضون القيام بهذا الفصل الذي يحرّر النّصّ الدّينيّ من استعمالاته البشريّة المعاملاتيّة. هذا الفصل بين العبادات والمعاملات هو الذي يساعدنا على جعل الدّين تجربة فرديّة مستبطنة وروحانيّة، قد تكون حافزا على احترام المبادئ الأخلاقيّة السّامية التي لم تلغها التّطوّرات الحديثة، ومنها احترام الحياة، وحرمة الجسد الحيّ والجسد الميّت، والتّكافل الاجتماعيّ، والرّحمة، والرّفق بالوالدين، وعدم حبّ المال والجاه حبّا جمّا... هذه القواعد الأخلاقيّة العامّة هي غير الشّريعة التي تفرض نظاما للمعاملات قائما على اللاّمساواة بين المرأة والرّجل، والعبد والحرّ، والمؤمن وغير المؤمن، واللّقيط والصّريح النّسب... وهذه المبادئ الأخلاقيّة العامّة، هي خلافا لأحكام الشّريعة غير متناقضة مع منظومة حقوق الإنسان، بل يمكن أن تكون مصدرا من مصادر تطويرها المستمرّ.
2- العلمانيّة على النّمط الذي أرساه كمال أتاتورك، رغم ما قامت عليه من إيجابيّات، ولّى عصرها ولم تعد ممكنة اليوم، بل ربّما تتناقض مع العلمانيّة الدّيمقراطيّة التي نطمح إليها، وهي ترمي إلى إرساء قواعد للعيش المشترك بين كلّ الأديان، وبين المؤمنين وغير المؤمنين، ولا ترمي إلى فرض قواعد معيّنة في السّلوك الفرديّ. العلمانيّة ولا شكّ تقتضي تغييرا لمجال المعاملات، وهذا ما نجح فيه إلى حدّ كمال أتاتورك وبورقيبة كلاّ في زمانه وفي سياقه، وقد أعطت تجربتهما أكلها في تحرير المرأة والتّحديث الاجتماعيّ. ولكنّ محاولتهما في تغيير معتقدات النّاس وعباداتهم ليست محبّذة وليست ممكنة اليوم.
فالسّياق الرّاهن غير سياق الزّعماء الكاريزميّين الذين يطوّرون مجتمعاتهم، أمثال أتاتورك وبورقيبة، بل هو سياق زعماء من نوع آخر، لا يحملون مشاريع للبناء والتّحوّل الاجتماعيّ، بل يحملون شعارات للتّجييش الدّينيّ والعاطفيّ ولا يهدفون إلى البناء بل يهدفون إلى الصّدام والمواجهة، ويكفي أن يكونوا مجرّد دعاة أو قادة لميليشيات حزبيّة. هؤلاء هم الذين تتماهى معهم الأغلبيّة، بل ويتماهى معهم جزء هامّ من النّخب اليساريّة والقوميّة التي أصبحت تفتخر بعدم إعمال العقل، وتتباهى بعدم الاهتمام بالمشروع المجتمعيّ الذي تخفيه عباءات هؤلاء الزّعماء.
أمام هذا التّراجع الطّفوليّ للنّخب وللشّعوب، وهذا الانحدار في طبيعة الزّعماء الجدد، لا يسعنا اليوم إلاّ أن نتمسّك بتعويض التّعويل على الزّعماء بالتّعويل على الحركيّة الاجتماعيّة والثّقافيّة التي تؤدّي، وإن ببطء، إلى التّأثير في صانعي القرار، والتّأثير في المنظومات التّربويّة والإعلاميّة والثّقافيّة، ولذلك نكتب ونطالب، ونأمل.
ولنعد إلى قضيّة فريضة الصّيام، لنقول إنّ بين العبادات والمعاملات مجال تقاطع، يتمثّل في القواعد المدنيّة التي لا بدّ من فرضها لكي لا تكون عبادة المؤمن سلبا لحرّيّة غير المؤمن، أو غير المتعبّد، وهذا مكمن الدّاء الذي أردت لفت الانتباه إليه، لأنّه مؤشّر آخر من مؤشّرات عدم التّسامح، وعلامة أخرى من علامات التّناقض بين خطاب التّسامح من ناحية والممارسات والقوانين السّائرة في اتّجاه آخر، والتي أصبحت مسلّمات وبديهيّات غير قابلة للنّقاش. هناك فئات من غير الصّائمين تفرض عليهم قواعد الصّيام وتفرض عليهم في بعض البلدان العربيّة عقوبات قانونيّة يعدّ وجودها نفسه إخلالا بالحرّيّات الأساسيّة : المؤمنون غير القادرين على أداء الفريضة، أو المؤمنون الذين أوصلهم اجتهادهم الشّخصيّ إلى إمكان عدم القيام بالفريضة، والمؤمنون الذين اختاروا أن يكونوا مؤمنين دون أن يأدّوا الطّقوس الدّينيّة، وهؤلاء يعبّر عنهم باللّغة الفرنسيّة بـ"غير الممارسين" للشّعائر (وهي عبارة ليس لها مقابل حديث في العربيّة، وللأمر دلالة). نضيف إلى هذه الأصناف : معتنقي الأديان الأخرى من المواطنين والأجانب، واللاّأدريّين واللاّدينيّين والملحدين. هؤلاء جميعا لا مكان لهم في ظلّ الممارسة الحاليّة لفريضة الصّوم في البلدان، بل هم ضحايا للمقاربة الشّموليّة للإسلام، وهي في هذا المجال مقاربة يشترك فيها الإسلام السّياسيّ مع الإسلام الرّسميّ، مع الإسلام الشّعبيّ الذي غذّت فيه الفضائيّات بؤر التّعصّب والنّرجسيّة الجماعيّة. وهو ما جعل رمضان رغم مباهجه وفوانيسه الجميلة وسهراته الحافلة يتحوّل إلى جحيم دنيويّ بالنّسبة إلى غير الممارسين لهذه العبادة. فالمطاعم والمقاهي تغلق في النّهار أو تفتح على نحو يشعر فيه المفطر بالمهانة، إذ توصد عليه الأبواب وكأنّه يقترف جريمة نكراء، ويلاحق بالنّظرات المستنكرة. ويمنع بيع المشروبات الكحوليّة للجميع، ويعتبر أيّ جهر بالإفطار اعتداء على حقوق الصّائمين، والحال أنّ حقوق الصّائمين مكفولة ولا يعتدي عليها أحد.
ما يمارس من عنف على غير الصّائمين في هذا الشّهر يدلّ على أنّ التّعصّب ليس حالة خاصّة أو إيديولوجيا معزولة، بل نمط من العيش ونظام للعلاقات بين النّاس ومناخ فكريّ. ولعلّ النّموذج الذي نجح في بنائه الإسلام المتعصّب بأنواعه هو نموذج المسلم الذي نقدّمه كالتّالي :
• المسلم العاجز عن التّحكّم في غرائزه، والذي يسيل لعابه طوال اليوم، يسيل لعابه كلّما رأى مفطرا في رمضان، كما يسيل لعابه كلّما رأى جزءا من جسد امرأة : شعرا أو وجها أو مجرّد أذن.
• نموذج المسلم "المسلوخ" الذي لا جلد يقيه من الجروح، فكلّ شيء يعدهّ مهينا له جارحا لعواطفه ولعقيدته. ولذلك فهو يقضي يومه وليله في رصد ما يقال وما يكتب عن الإسلام، وفي التّألّم من جراح المشاعر والعواطف.
• نموذج المسلم الذي لا يعبد اللّه لمحبّته إيّاه، بل ليحصل في كلّ لحظة على الثّواب والجزاء، ولذلك فهو يحوّل مأكله وملبسه وكلامه إلى عبادة متواصلة، أو إلى مؤسّسة للرّبح الآخرويّ، ويختزل علاقاته بالنّاس في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
• نموذج المسلم الذي ينتمي إلى عصرين في الوقت نفسه، فيحوّل المؤسّسات الدّيمقراطيّة إلى منابر لإنتاج القرارات المنافية للدّيمقراطيّة، ويحوّل كل مطالبة بالحرّية إلى مطالبة بالحقّ في العبوديّة.
والنّتيجة هي أنّ المسلم أصبح كاريكاتورا للإنسان الحديث، لا لأنّ الإسلام أراد له ذلك، بل لأنّه أراد هذا الإسلام، أو أراد هذا للإسلام.
إذا اقتنعنا بأنّ الإيمان لا يفرض بحدّ السّيف، فيجب أن نسلّم بأنّ الشّعائر الدّينيّة لا تفرض بحدّ القوانين الجزائيّة والتّدابير الإكراهيّة، وبأنّ حرّيّة عدم العبادة ليست اعتداء على الحقّ في العبادة.
vendredi 20 juillet 2012
jeudi 19 juillet 2012
mercredi 18 juillet 2012
Tribune. Tunisie. Continuez à briser des vies, Messieurs les juges !
Sept ans de prison pour deux jeunes nés en 1984 à Mahdia. Ils font partie de ces jeunes auxquels la révolution du 14 janvier allait permettre d’exercer ces droits humains fondamentaux que sont la liberté de conscience et d’expression.
Ont-ils tenu des armes ? Ont-ils commis des meurtres ou appelé au meurtre ? Ont-ils outragé le drapeau du pays ? Ont-ils déclaré la guerre aux principes de la République ? Ont-ils pris part au trafic d’une quelconque drogue qui détruit les esprits et les corps ? Non. Ils n’ont fait qu’exprimer sur la toile des points de vue, sans doute excessifs ou injustes, sur l’islam mais ne portant nullement atteinte à l’ordre public.
Ordre public menacé, en revanche, par des appels au meurtre et incitations à la haine qui se sont déployés tout au long de ce feuilleton dont nous avons été les spectateurs éberlués, inquiets et d’autant plus soucieux que le niveau du débat national a dégringolé pour être réduit, de manière erronée, à une polémique entre mécréants et fidèles.
Peut-on protéger la foi par des lois répressives ? Non. Dès lors que la prédication a commencé à prendre de l’ampleur dans la péninsule arabique, des centaines de livres ont mis en cause le prophète de l’islam, prenant pour cible des épisodes de sa vie. Cela a-t-il affaibli la foi des gens ou les a-t-il amenés à se détourner de l’islam ? Non. Les Musulmans des premiers siècles étaient plus équilibrés. N’ont-ils pas déclaré que celui qui rapporte des propos impies n’est pas un impie ? N’ont-ils pas affirmé l’autonomie de la littérature par rapport à la religion ? Et dans ce que nos jeunes ont publié, il y a de la littérature, de l’imagination et de l’humour.
L’islam est-il à ce point fragile pour que vous le protégiez, Messieurs les juges, par des lois répressives héritées de l’ancien régime et par un verdict aussi cruel ? Je ne comprends pas pourquoi les non croyants sont traités comme des criminels. Non, ils ne sont pas coupables, Messieurs. Des jeunes en colère, voilà ce qu’ils sont, et ils ont le droit de se révolter contre toutes les manifestations de l’ordre établi. Vous vous arrogez le droit d’être plus durs que le Dieu clément qui accepte le repentir ? Vous voulez substituer au jugement de l’Au-delà un verdict de ce monde ?
Les islamistes ont ployé sous le joug de la prison et de la torture pendant des années. Peut-être que nous ne les avons pas assez défendus par des discours et des écrits, et je m’excuse de ne l’avoir pas fait suffisamment, même si beaucoup d’avocats laïcs et de gauche ont plaidé leur cause dans les tribunaux. Comment pouvez-vous cautionner aujourd’hui ce retour des procès d’opinion ? Comment pouvez-vous ressusciter, à l’aube de ce XXIesiècle, l’inquisition moyenâgeuse et ce, dans un pays où un courant rationaliste, né de la pensée islamique, a vu le jour dès le début du XXe siècle, dans un pays qui a connu la révolution de la liberté et de la dignité ? Relisez Tahar Haddad et Abu al-Kassem Chebbi, vous y trouverez les prémisses lumineuses de la rationalité et de la responsabilité individuelle.
Si vous êtes croyants, faites en sorte que le supplice soit l’apanage de l’Au-delà et discutons plutôt des affaires de ce monde, du développement équitable et des mesures en vertu desquelles les corrompus doivent rendre des comptes, pour que nous puissions enfin tourner la page et construire la 2èmerépublique.
Est-ce que vous prenez la mesure de ce que représentent sept ans de prison dans la vie d’une jeune personne ? Elles signifient une vie brisée, expression commune au dialectal tunisien et à l’arabe classique. « Que ta vie soit brisée ! », c’est ce que disaient nos vieilles quand elles se plaisaient à être détestables. Ces sept ans de prison signifient : « Vous n’avez pas d’avenir. Vous serez emmurés vivants dans les prisons et dans l’exil. Vous ne méritez pas de vivre puisque votre opinion diffère de celle de la communauté ».
Et si la jeunesse de décembre-janvier 2011 ne nous avait pas libérés ? Ceux qui sont aujourd’hui aux commandes n’auraient pas eu l’opportunitéde vivre au grand jour et de gouverner.
Je connais un magistrat qui s’était rendu complice de ces décisions de justice iniques et cruelles à l’encontre des islamistes et qui a été mis à la retraite. Il était constamment rongé par le remords parce qu’il avait brisé des vies, dispersé des familles et les avait privées de leurs moyens de subsistance. Il ne dormait pas et il lui était impossible de se réjouir des belles choses de la vie.
Comment les victimes d’hier peuvent-elles se transformer en bourreaux ? C’est cette question cruciale que nous adressons aujourd’hui aux victimes d’hier et au Président de la république et ancien défenseur des droits humains. Son amnistie s’étendra-t-elle le jour de la fête de la République à ces deux jeunes ?
Atteinte au sacré ? Il n’y a d’atteinte au sacré, pour moi, que lorsque certains prennent en otage des lieux de culte, les profanent par des luttes de pouvoir et par des actes violents, en ferment les portes et changent les serrures. Je ne vois d’atteinte au sacré que lorsque la créature s’arroge le droit d’occuper la place du Créateur et se substitue à lui en faisant précéder le supplice de l’Au-delà par un châtiment de ce monde. Laissez le supplice au bon Dieu et ne vous substituez pas à Lui. Telle est la première leçon de démocratie. Ménagez un espace pour le débat, la critique, l’autocritique et pour le repentir. Celui qui défend la foi avec autant de fureur et de démesure est appelé à se rendre à l’évidence de l’inconsistance de sa propre foi.
Il y a une nouvelle notion dans la littérature des droits de l’Homme, « la souffrance illégitime ». Elle désigne la souffrance qui excède toutes celles inhérentes à la condition humaine : la séparation, la maladie et la mort. « La souffrance illégitime », c’est la souffrance relative à la violence, violence infligée à l’Homme par son prochain et n’ayant pour motif que la différence d’opinion. L’un de ces jeunes est écroué, l’autre est voué à l’errance et les deux familles sont en proie à la violence et à l’injustice.
Messieurs les décideurs, un comité international prendra la défense des deux jeunes, parce que, que vous le vouliez ou pas, ce sont des prisonniers d’opinion et non pas des prisonniers de droit commun. M’entendez-vous ? Il est temps de réparer cette injustice, véritable « atteinte »à la révolution de la liberté et de la dignité.
Raja Ben Slama
* Traduit de l’arabe par Insaf Machta
vendredi 13 juillet 2012
تاريخ لم يكتب وعنف لم يوصف18.06.2007..
لم تحرق النّساء في العالم الإسلاميّ كما أحرقن في أوروبّا بتهمة السّحر والتّحالف مع الشيطان، لا لأنّ الإسلام يحرّم حرق الأجساد ويجعله حكرا على الله فحسب، بل لأنّ مؤسّسة الحجاب مثّلت جدارا عازلا حدّ من حضور النّساء في الفضاءات العموميّة، ووفّرت جهازا ناجعا نسبيّا للتّحكّم في أجسادهنّ ومراقبة أنشطتهنّ. وفي الوقت نفسه، مثّل الحجاب تطويقا لفتنة النّساء، إذا فهمنا الفتنة بمعنى السّحر، وإذا اعتبرناها الصّيغة الإسلاميّة لتحالف النّساء المفترض مع الشّيطان الذي يسمّى في العربيّة "فتّانا"، أي مع المتعة الجسديّة والمحرّم. الفتنة في رأيي هي السّحر الحلال الذي اتّهمت النّساء به، ولكنّ هذا السّحر لا يكون حلالا إلاّ إذا أسدل عليه حجاب من حجارة أو قماش، وقنّنته كوكبة الممنوعات التي نعرفها، من منع الخلوة المحرّمة إلى منع التّبرّج والمصافحة والخروج بدون إذن.
ومع ذلك لم تتكفّل حواجز الحجاب وحدها بقمع النّساء، لأنّ النّساء كنّ يخرجن إلى الأسواق والمقابر والحمّامات، ولم يكنّ جميعا من ربّات الخدور المترفات، بل كانت الكثيرات منهنّ إماء يكلّفن بالخروج لقضاء الحاجات، وكانت الكثيرات منهنّ يمتهنّ حرفا نسائيّة. وتعجّ كتب التّراث بالأخبار التي تتحدّث عن قرار أصحاب السّلطة منع النّساء من الخروج إلى الحمّامات والمقابر من حين لآخر، وضرب أولياء الأمر والمحتسبين إيّاهنّ بالسّياط. فقد كان عمر بن الخطّاب يؤدّي بنفسه وظيفة المحتسب، ويدور بسوطه في الأسواق، محاولا تطهير المدينة من ظلال الشّيطان : "روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نائحة فأتاها فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها. فقيل: يا أمير المؤمنين, المرأة المرأة! قد وقع خمارها. فقال: إنها لا حرمة لها. أسند جميعه الثعلبي رحمه الله." (تفسير القرطبيّ)
ويفيدنا ابن تغري بردي في كتابه "النّجوم الزّاهرة في ملوك مصر والقاهرة" بشيء من أخبار الحملات "البوليسيّة" الدّينيّة على النّساء. ففي عهد الملك الأشرف برسباي (القرن الخامس عشر م)، كان محتسب القاهرة دولات خجا "يتتبّع النّسوة ويردعهنّ بالعذاب والنّكال، حتّى إنّه ظفر مرّة بامرأة وأراد أن يضربها فذهب عقلها من الخوف، وحملت إلى بيتها مجنونة، وتمّ بها ذلك أشهرا، وامرأة أخرى أرادت أن تخرج خلف جنازة ولدها، فمنعت من ذلك فرمت بنفسها من أعلى الدّار فماتت."
ولم نكتب إلى اليوم تاريخ قمع النّساء كما كتب الأوروبّيون منذ القرن التّاسع عشر تاريخ محاصرة السّاحرات وحرقهنّ، وإعدام أوائل المطالبات بحقوق النّساء إبّان الثّورة الفرنسيّة وبعدها. لا يعود ذلك في رأيي إلى فقر في الكتابات التّاريخيّة العربيّة التي تهتمّ بالحياة اليوميّة وبفئات اجتماعيّة غير الطّبقات الحاكمة، وفقر في الدّراسات النّسائيّة التي لا تكتفي بالحديث الورديّ المبستر عن رائدات النّهضة النّسائيّة. بل يعود هذا النّقص إلى أنّ هذا الماضي الذي يجب أن نكتب تاريخه لم يمض بعد، وإلى أنّ اللّحظة الحداثيّة التي تجعل علاقتنا بالتّقليد إشكاليّة لم تنتج تراكما معرفيّا كافيا، ولم تنجح في إحداث تغيير جذريّ في الأنظمة الاجتماعيّة والعقليّات السّائدة في الكثير من البلدان العربيّة.
لقد خرجنا من التّقليد، بل ألقي بنا خارجه بالأحرى، ولكنّنا بقينا معلّقين بتلابيبه واقفين على أعتابه، وبقيت بعض أجهزته القمعيّة متواصلة في أكثر الدّول ثراء ونفوذا إعلاميّا، وبقيت متجلّية كأحسن ما يكون في مؤسّسة الحسبة القائمة على مبدإ "الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر". وأبرز دليل على أنّنا خرجنا من التّقليد دون أن نخرج منه هو عجزنا عن إيجاد علاقة تأويليّة بالآيات القرآنيّة التي تكرّس العنف ضدّ النّساء في شكله القانونيّ المنظّم أوفي شكله الفرديّ الاستثنائيّ. فقد أقرّ القرآن بأفضليّة الرّجل على المرأة من خلال الآية : "ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف، وللرّجال عليهنّ درجة، واللّه عزيز حكيم" (البقرة/228)، ومن خلال الآية : "الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم." (النّساء/34). وفي هذه الآية نفسها، ونتيجة للأفضليّة المعلن عنها، والتي لا يمكن أن ينكرها اليوم إلاّ سفسطائيّ أو مؤسطر للماضي، أباح للزّوج معاقبة زوجته عقابا يمكن أن يصل إلى الضّرب : "... فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه، واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا."
ومع ذلك لم تتكفّل حواجز الحجاب وحدها بقمع النّساء، لأنّ النّساء كنّ يخرجن إلى الأسواق والمقابر والحمّامات، ولم يكنّ جميعا من ربّات الخدور المترفات، بل كانت الكثيرات منهنّ إماء يكلّفن بالخروج لقضاء الحاجات، وكانت الكثيرات منهنّ يمتهنّ حرفا نسائيّة. وتعجّ كتب التّراث بالأخبار التي تتحدّث عن قرار أصحاب السّلطة منع النّساء من الخروج إلى الحمّامات والمقابر من حين لآخر، وضرب أولياء الأمر والمحتسبين إيّاهنّ بالسّياط. فقد كان عمر بن الخطّاب يؤدّي بنفسه وظيفة المحتسب، ويدور بسوطه في الأسواق، محاولا تطهير المدينة من ظلال الشّيطان : "روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نائحة فأتاها فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها. فقيل: يا أمير المؤمنين, المرأة المرأة! قد وقع خمارها. فقال: إنها لا حرمة لها. أسند جميعه الثعلبي رحمه الله." (تفسير القرطبيّ)
ويفيدنا ابن تغري بردي في كتابه "النّجوم الزّاهرة في ملوك مصر والقاهرة" بشيء من أخبار الحملات "البوليسيّة" الدّينيّة على النّساء. ففي عهد الملك الأشرف برسباي (القرن الخامس عشر م)، كان محتسب القاهرة دولات خجا "يتتبّع النّسوة ويردعهنّ بالعذاب والنّكال، حتّى إنّه ظفر مرّة بامرأة وأراد أن يضربها فذهب عقلها من الخوف، وحملت إلى بيتها مجنونة، وتمّ بها ذلك أشهرا، وامرأة أخرى أرادت أن تخرج خلف جنازة ولدها، فمنعت من ذلك فرمت بنفسها من أعلى الدّار فماتت."
ولم نكتب إلى اليوم تاريخ قمع النّساء كما كتب الأوروبّيون منذ القرن التّاسع عشر تاريخ محاصرة السّاحرات وحرقهنّ، وإعدام أوائل المطالبات بحقوق النّساء إبّان الثّورة الفرنسيّة وبعدها. لا يعود ذلك في رأيي إلى فقر في الكتابات التّاريخيّة العربيّة التي تهتمّ بالحياة اليوميّة وبفئات اجتماعيّة غير الطّبقات الحاكمة، وفقر في الدّراسات النّسائيّة التي لا تكتفي بالحديث الورديّ المبستر عن رائدات النّهضة النّسائيّة. بل يعود هذا النّقص إلى أنّ هذا الماضي الذي يجب أن نكتب تاريخه لم يمض بعد، وإلى أنّ اللّحظة الحداثيّة التي تجعل علاقتنا بالتّقليد إشكاليّة لم تنتج تراكما معرفيّا كافيا، ولم تنجح في إحداث تغيير جذريّ في الأنظمة الاجتماعيّة والعقليّات السّائدة في الكثير من البلدان العربيّة.
لقد خرجنا من التّقليد، بل ألقي بنا خارجه بالأحرى، ولكنّنا بقينا معلّقين بتلابيبه واقفين على أعتابه، وبقيت بعض أجهزته القمعيّة متواصلة في أكثر الدّول ثراء ونفوذا إعلاميّا، وبقيت متجلّية كأحسن ما يكون في مؤسّسة الحسبة القائمة على مبدإ "الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر". وأبرز دليل على أنّنا خرجنا من التّقليد دون أن نخرج منه هو عجزنا عن إيجاد علاقة تأويليّة بالآيات القرآنيّة التي تكرّس العنف ضدّ النّساء في شكله القانونيّ المنظّم أوفي شكله الفرديّ الاستثنائيّ. فقد أقرّ القرآن بأفضليّة الرّجل على المرأة من خلال الآية : "ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف، وللرّجال عليهنّ درجة، واللّه عزيز حكيم" (البقرة/228)، ومن خلال الآية : "الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم." (النّساء/34). وفي هذه الآية نفسها، ونتيجة للأفضليّة المعلن عنها، والتي لا يمكن أن ينكرها اليوم إلاّ سفسطائيّ أو مؤسطر للماضي، أباح للزّوج معاقبة زوجته عقابا يمكن أن يصل إلى الضّرب : "... فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه، واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا."
mercredi 11 juillet 2012
تصريحي بالشروق اليوم حول مبادرة "نداء تونس". قد لا يعجب بعض اليساريّين، قد أتراجع عنه
تصريحي بالشروق اليوم حول مبادرة "نداء تونس". قد لا يعجب بعض اليساريّين، قد أتراجع عنه إن ثبت أنّ هذه المبادرة لا تخدم أهداف الثورة، لكن هذا رأيي، وهذه قراءتي للواقع اليوم. كنت خارج العاصمة، وقمت باستفتاء لآراء الكثير ممن التقيت بهم من مختلف الشرائح، ووجدت الأغلبيّة العظمى تؤيّد هذا النّداء وتنتظره. المشكل في المثقفين القافزين فوق الواقع وفي السياسيين الذين يحرصون على إيجاد موقع لهم على الخارطة، حتّى وإن تناقض ذلك مع مصلحة البلاد.
رجاء بن سلامة : المبادرة ستنجح متى توفر برنامج قريب من هموم الكادحين
أرى من حولي ومن مختلف الطبقات الاجتماعية تطلعا إلى هذه المبادرة ورغبة في الانخراط فيها. وأرى أن الكثير من العوامل تتضافر لجعلها بديلا حقيقيا عن ضعف المعارضة وتشرذمها، ومنافسا حقيقيا وضروريا للحزب الحاكم مستقبلا:
ـ هذه المبادرة حزب، ولكنها تطمح إلى أن تكون جبهة انتخابية في الوقت نفسه. لست أدري إن كانت دعوة الأحزاب الصغرى للانصهار فيها واقعية الآن، لأن الانصهار يتطلب وقتا طويلا، وهو مكلف من الناحية النرجسية. لا نكلف السياسيين ما لا طاقة لهم به، لكن لا بد على الأقل من جبهة انتخابية عريضة حول هذا النداء، وحول شخصية مطلقه.
ـ هذه المبادرة تقوم على فكرة إنقاذ الدولة المدنية والمكاسب الاجتماعية والسياسية المتحققة. وفكرة الإنقاذ هذه ليست هينة، لأننا رأينا كيف تعرضت مقومات الدولة الحديثة ومازالت تتعرض إلى المخاطر مع حكومة تمارس الخطاب المزدوج، ولا تطبق القانون، ومع حزب يسعى إلى الهيمنة على الدولة، ولم يقطع بعد مع إيديولوجيته الإخوانية.
ـ هدف الإنقاذ غير كاف ولا يصنع برنامجا، ولذلك يمكن أن تنجح هذه المبادرة إن استطاعت أن تخاطب الجماهير الغاضبة على سياسة الحكومة وأن تعد برنامجا اجتماعيا قريبا من هموم الطبقات الكادحة، وموفرا لخطة واضحة للقضاء تدريجيا على البطالة. الحكومة الحالية كانت لها اختيارات ليبرالية رأسمالية واضحة، وبرامج تنموية شبه خاوية، ولذلك ننتظر من هذه المبادرة غير ذلك.
ـ هذه المبادرة تحظى بثقة نخب البلاد، أو على الأقلّ بثقة قطاع كبير منها. ولها حظوظ في استمالة الجماهير لأسباب منها أن السيد الباجي يعرف كيف يخاطب الناس. له البلاغة السّياسيّة التي تصل إلى القلوب دون أن تكون ديماغوجية وشعبويّة ودون أن تعتمد على تهييج المشاعر الدّينيّة. تماما مثل بورقيبة. بورقيبة الذي يتنكّر له كارهو الدّولة والمجتمع اليوم.
وهناك مجموعة من المغالطات المروجة حول هذه المبادرة. أولاها المقارنة ضمنا بين تونس ومصر، بحيث يصبح الباجي قائد السبسي نظيرا لشفيق. وفي الحقيقة لا مجال للمقارنة بين ما يجري في تونس وما يجري في مصر. الباجي قايد السبسي رجل دولة وليس من «أزلام النّظام القديم»، وليس عسكريّا.
ـ انتبهوا : ليس عسكريّا. ليس لنا مجلس عسكريّ في تونس يهدّد الدّيمقراطيّة. لكن لنا حزب إسلاميّ لم يقطع مع ماضيه اللاّديمقراطيّ، ولم ينفصل عن السّلفيّة وكلّ ما يهدّد الدّولة والمجتمع.
والمغالطة الثانية تتمثل في نسبة هذه المبادرة إلى التجمعيين. رغم أن من أطلقها يساريّون ونقابيّون لم يكونوا يوما في نظام بن علي، وتاريخهم معروف، منهم الطّيّب البكّوش، النّقابيّ والحقوقي والسّجين السّابق في زمن بورقيبة. ثم لنقارن بين ما فعلته حكومة السيد الباجي وهذه الحكومة الشرعية». في حكومة الباجي قايد السبسي أطلقت الهيئة المستقلّة للانتخابات، وصدرت مراسيم متطوّرة وديمقراطيّة. هذه المراسيم لا تريد النّهضة تفعيلها إلى اليوم-المرسوم المنظّم للإعلام مثلا- بحيث تعطي انطباعا بأنها لا تريد حرّية التّعبير ولا تريد الدّيمقراطية بل تريد الهيمنة والحكم. الأحداث الأخيرة المتعلقة بإنكار حرية الإبداع دليل على ذلك.
إضافة إلى هذا، فإن كل ما يقال اليوم عن ضرورة إقصاء التجمعيين مناف للديمقراطية. لا يجوز أخلاقيا وقانونيا وسياسيا حرمان أي فئة من التونسيين في ممارسة النشاط السياسي. من أجرم، يجب أن يحاسب. ومن أخطأ عليه أن يعتذر، وأنا أتمنى من التجمعيين أن يعتذروا. وأعتبر أن ان كل إنسان قادر على التغير نحو الأفضل. بل لعل الخلفية الدستورية والإصلاحية للتجمعيين تجعلهم أكثر قبولا للقيم الديمقراطية من الإسلاميين الذين لم يتخلصوا بعد من الحلم بتطبيق الشريعة أو الحلم بالمجتمع المثالي أو بالخلافة. فهذه كلها أفكار لا تنتج إلا مشاريع شمولية.
vendredi 6 juillet 2012
ترويع للنّاس وللنساء خاصة لفرض نمط عيش محافظ.
هذه ليست إشاعة، هذه شهادة عمّا يقوم به بعض رجال الأمن في الليل من ترويع للنّاس وللنساء خاصة لفرض نمط عيش محافظ.
أين الرابطة التونسيبة لحقوق الإنسان من كلّ هذه الانتهاكات الخطيرة المتكرّرة؟
Raafa Ayadi
"A ma sortie de la closerie, en taxi, j'ai été arrêtée par les flics qui m'ont demandé ma CIN. Ils ont mis du temps à me la rendre alors j'ai demandé au flic la raison pr laquelle il m'a demandé ma carte, ce qui l'a dérangé et a commencé à me parler sur un autre ton. Il y avait d'un coup 4 flics qui criaient et qui ont demandé au taxi d'arrêter le moteur car je n'allais pas rentrer. Quelques minutes après, ils ont décidé de m'emmener au poste. Ils m'ont demandé de monter dans leur partner. J'ai refusé. Ils ont demandé au taxi de les suivre. A l'arrivée au poste des Jardins de Carthage, il y avait d'autres flics qui m'attendaient comme s'ils avaient capturé un criminel. Ils m'ont demandé d'entrer au poste. J'ai refusé en disant que ma tenue de soirée ne me permettait pas de le faire. J'ai demandé si je pouvais aller me changer et revenir, qu'ils gardent ma CIN. Ils ont forcé la porte du taxi pour me faire descendre. Là j'ai cédé. Je leur ai alors dit que 3ib ce qu'ils faisaient et que je ne leur ai rien fait ni dit et qu'ils avaient ma carte, qu'ils fassent le nécessaire. Ils m'ont répondu que j'ai eu un accrochage avec un flic et que howa cheki bya et qu'il faut que yekthou a9weli!! Le plus agressif d'entre eux, qui a forcé la porte m'a traité indirectement de trainée, et que mé yetcharafech et que s'il avait une soeur habillée kim ena rahou 7ra9ha wala 9talha!!! Dès que je sois entrée au poste avec le chauffeur du taxi auquel j'ai demandé de m'accompagner, le langage a changé: d'un coup, ils ont commencé à crier, à m'insulter, trabrib wiklem zeyed, et à vouloir me frapper. Ils m'ont agressé, emmené dans une pièce et menoté!!! L'un d'eux est arrivé, a cassé une chaise, m'a encore insulté et traité de tous les noms puis parti! Comme koi je suis ivre, 3amlouli ma7ther. Ils étaient 5 dans la pièce, et tous m'accusaient de sokrana, cherba, 7okmetelha il bal3a, bien que j'ai nié avoir bu! Ils m'ont fait signé un truc que je n'ai pu lire et m'ont dit "xxx fih"! J'ai eu la peur de ma vie! Nous sommes entrain de subir une campagne de terreur qui vise à obliger les gens à ne plus boire, à ne plus mettre d'habits osés, à ne plus veiller pour finir par ne plus sortir... Leur seul discours était l'alcool! Leur programme est en marche et les flics sont mille fois pire
أين الرابطة التونسيبة لحقوق الإنسان من كلّ هذه الانتهاكات الخطيرة المتكرّرة؟
Raafa Ayadi
"A ma sortie de la closerie, en taxi, j'ai été arrêtée par les flics qui m'ont demandé ma CIN. Ils ont mis du temps à me la rendre alors j'ai demandé au flic la raison pr laquelle il m'a demandé ma carte, ce qui l'a dérangé et a commencé à me parler sur un autre ton. Il y avait d'un coup 4 flics qui criaient et qui ont demandé au taxi d'arrêter le moteur car je n'allais pas rentrer. Quelques minutes après, ils ont décidé de m'emmener au poste. Ils m'ont demandé de monter dans leur partner. J'ai refusé. Ils ont demandé au taxi de les suivre. A l'arrivée au poste des Jardins de Carthage, il y avait d'autres flics qui m'attendaient comme s'ils avaient capturé un criminel. Ils m'ont demandé d'entrer au poste. J'ai refusé en disant que ma tenue de soirée ne me permettait pas de le faire. J'ai demandé si je pouvais aller me changer et revenir, qu'ils gardent ma CIN. Ils ont forcé la porte du taxi pour me faire descendre. Là j'ai cédé. Je leur ai alors dit que 3ib ce qu'ils faisaient et que je ne leur ai rien fait ni dit et qu'ils avaient ma carte, qu'ils fassent le nécessaire. Ils m'ont répondu que j'ai eu un accrochage avec un flic et que howa cheki bya et qu'il faut que yekthou a9weli!! Le plus agressif d'entre eux, qui a forcé la porte m'a traité indirectement de trainée, et que mé yetcharafech et que s'il avait une soeur habillée kim ena rahou 7ra9ha wala 9talha!!! Dès que je sois entrée au poste avec le chauffeur du taxi auquel j'ai demandé de m'accompagner, le langage a changé: d'un coup, ils ont commencé à crier, à m'insulter, trabrib wiklem zeyed, et à vouloir me frapper. Ils m'ont agressé, emmené dans une pièce et menoté!!! L'un d'eux est arrivé, a cassé une chaise, m'a encore insulté et traité de tous les noms puis parti! Comme koi je suis ivre, 3amlouli ma7ther. Ils étaient 5 dans la pièce, et tous m'accusaient de sokrana, cherba, 7okmetelha il bal3a, bien que j'ai nié avoir bu! Ils m'ont fait signé un truc que je n'ai pu lire et m'ont dit "xxx fih"! J'ai eu la peur de ma vie! Nous sommes entrain de subir une campagne de terreur qui vise à obliger les gens à ne plus boire, à ne plus mettre d'habits osés, à ne plus veiller pour finir par ne plus sortir... Leur seul discours était l'alcool! Leur programme est en marche et les flics sont mille fois pire
jeudi 5 juillet 2012
شرط الذّكورة العتيق، الآتي من عفونة التّاريخ.
شروط التّرشّح الرّئاسة
برافو يا نوّاب، بما أنكم تركتم شرط الذّكورة العتيق، الآتي من عفونة التّاريخ.
لكن، وبكلّ محبّة وإخلاص للإسلام والمسلمين، ليس من باب الدّيمقراطيّة في شيء اشتراط الإسلام. لسبب بسيط وهو أنّكم بذلك تقصون : غير المسلمين من يهود ومسيحيّين، وبهائيين أيضا-في تونس ما يقرب من 1000 بهائيّ، وتقصون كذلك غير المؤمنين، وهم، بكلّ محبّة وإخلاص أيضا، كثيرون في تونس، ومن حقّهم أن يوجدوا ويعبّروا عن أنفسهم.
وفي النّهاية : من أدراكم بما في الضّمائر؟ قد يظهر أحدهم الإسلام ويبطن خلافه، فاتركوا مسائل العقيدة والإيمان إلى الإله مقلّب القلوب، والعارف بما في الصّدور.
Inscription à :
Articles (Atom)