عشنا لمدّة عقود، رغم كلّ اختلافاتنا، حلما بالحرّيّة والكرامة، وجاءت ثورة 14 جانفي لتجعلنا نقف على أبواب هذا الحلم، ولتعبّر عن كنه المنتمين إلى هذه الأرض باختلافاتهم الرّائعة وتلويناتهم القزحيّة الجميلة. حملت الثّورة شعارات لها صلة بالحرّيّة باعتبارها توقا مفتوحا على كلّ الممكنات، ولم تحمل شعارات الهويّة الثّابتة المغلقة. ثمّ فؤجئنا بأصوات الهويّة الثّابتة ترتفع شاهرة سيوف التّكفير والتّخوين، مدافعة عن الرّأي الواحد الأحد أسوة بالنّظام البائد الأوحد الأحد. فقرّرنا تكوين جمعيّة تهدف إلى إدانة جميع أشكال التّعصّب مهما كان مأتاها، ومهما كانت مرجعيّة ممارسيه، وإلى الدّفاع عن المبدعين والمفكّرين والفاعلين في الفضاء العاموميّ، والتّضامن معم، كاسرين حاجز الخوف عاملين بأحد مبادئ الثّورة "لا خوف بعد اليوم"...
إلاّ أنّ مهمّة هذه الجمعيّة لن تقتصر عن الإدانة والمساندة، وإن كانا ضروريّين، بل إنّها تطمح بالأساس إلى المساهمة في بناء ثقافة ديمقراطيّة تحترم حرّيّة الرّاّي والمعتقد وحرّية التعبير وتحترم كافّة الحرّيّات الفرديّة التي تكفلها شرعة حقوق الإنسان. كما تعمل على المساهمة في توفير الأرضيّة الملائمة لجميع التعبيرات الثقافيّة والفكريّة والدينيّة المتعدّدة والمفتوحة على كلّ التّصوّرات في الفضاء التّونسيّ.
إنّ الاختلاف ليس تعدّدا فقط، بمعنى اختلاف الواحد عن غيره، بل هو بالأساس اختلاف الواحد عن نفسه بقدرته على الإبداع وعلى بناء ذاته وتغييرها. وإنّنا نتكاتف من أجل أن يكون أبناؤنا كما يريدون لا أن يكونوا نسخة منّا أو من أيّ كان، وسنتصدّى لكلّ من ينصّب نفسه ليقرّر لهم المصير، وليقرّر لهم هويّات جامدة ثابتة تدّعي أنّها الأصل والمآل، وتحكم بالإعدام على توقهم.
ولعلّ اليقين الوحيد الذي لدينا هو أنّنا لن نخون ألوان قزح الثّورة الّتي لولاها لما ولدنا من جديد.
نحن الموقّعين أعلاه على إيقاع أحلام ثورتنا المتعدّدة الأبعاد، وأدناه على وقع أصابعنا المتمايزة، نعلن عاليا تأسيسنا لـ"جمعيّة نواة من أجل ثقافة التّعدّد
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire