فلا يوجد في العربيّة مقابل لمفهوم الانتماء الثّقافيّ لليهوديّة والنّصرانيّة، أي لما يعبّر عنه في الفرنسيّة بـjudéité وchrétienté، وهما لفظتان تعنيان طريقة الإنسان في أن يكون يهوديّا أو نصرانيّا بقطع النّظر عن عقيدته وعلاقتها بالمعتقد المكرّس. إنّها خانة فارغة في ثقافتنا ولغتنا لسبب بسيط هو أنّ الدّين الإسلاميّ لم يتعرّض إلى حركة الإصلاح التي تسمح للمسلم بأن يكون له انتماء ما إلى ثقافة الإسلام وأن يكون في الوقت نفسه ملحدا أو لاأدريّا، في حين أنّ هذه النّقلة حصلت في الدّيانتين الأخريين. المسلم عندنا يولد مسلما وإذا لم يعد مؤمنا بعقيدة الإسلام، فإنّ له وضعا واحدا يواصل الوصاة على الدّين فرضه، هو وضع المرتدّ الذي يجب أن يقتل. المسلم إمّا أن يكون مسلما أو مرتدّا أو في حكم المرتدّ الذي نجا من القتل نتيجة تعطيل حدود اللّه، ولا يمكن له أن يعتزّ بجذوره الإسلاميّة أو يبدي تعاطفا مع المسلمين وهو غير مؤمن بعقيدة الإسلام.
من كتاب "في نقد إنسان الجموع
من كتاب "في نقد إنسان الجموع
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire