Reklama

dimanche 9 septembre 2012

0
الدكتورة رجاء بن سلامة لـ«الشروق» : نريد إبداعا شعاره... لا خوف بعد اليوم

تشكل كتابات الدكتورة رجاء بن سلامة حول الاسلام وقراءات النص الديني مدونة مزعجة بالنسبة للتيارات الدينية المتشددة وقد فتحت عليها هذه المساهمات التنويرية باب التكفير والتشويه وحملات منظمة على شبكة الفايس بوك.





كيف ترى رجاء بن سلامة المشهد الثقافي في تونس اليوم وماهي أبرز عناوينه ؟



الشروق التقتها في هذا الحوار .



كيف تفسرين تنامي التيارات الدينية التي تكفر الناس وتفرض نمطا غريبا من السلوك ؟



لا يوجد عامل واحد، بل توجد عوامل عديدة منها ما هو فرديّ ومنها ما هو جماعيّ، منها ما هو متعلّق بتاريخ تونس ومنها ما هو مرتبط بعوامل خارجيّة.
أعتقد عموما أنّ التّيّارات السّياسيّة المتشدّدة تتغذّى من الفراغ : من فراغ سياسيّ وفراغ ثقافيّ معرفيّ.



يتمثّل الفراغ السياسي في حرمان الكثير من التونسيين في العهد البائد من حياة سياسيّة كريمة تضفي معنى على حياة الشّابّ، وهو ما يجعله يبحث عن معنى لحياته بالانتماء إلى جماعة دينية بدل أن يجد هذا المعنى داخل الفضاء المدنيّ الرّحب.



ويتمثّل الفراغ الثّقافيّ في عدم المعرفة بالمبادئ الدّيمقراطيّة وانعدام الثقافة الحداثية، بحيث تحل التصوّرات الهووية الدّفاعية محلّ قيم التّحرّر والمواطنة، وبدل أن نحصل على ذات تريد الاختلاف والتّغيير نجد ذاتا تريد التّطابق مع ماض تتخيّله صافيا رشيدا طاهرا. فالانتماء الديني لا يتطلب معرفة بالتاريخ ولا يتطلب معرفة بالفكر، بل يتطلب إيمانا وتسليما بأفكار بسيطة قائمة على ثنائيات الخير والشر والطهارة والنجاسة والماضي الفردوسي في مقابل الحاضر الفاسد.. الثقافة الفلسفية والتاريخية تخلق مناعة ضد هذه السذاجات، وغيابها يفتح الباب أمام الانجذاب إلى الدعاة والفقهاء والزعماء الدينيين مهما كان خطابهم بعيدا عن الواقع وعن قيم التحرر والمواطنة.



والهشاشة النفسية تمثل أيضا أرضية خصبة للانتماء إلى الحركات الدّينيّة لا سيما المتشددة. أعطيكم مثالا : من حرم من أب محبّ يستطيع التّماهي معه واتّخاذه نموذجا للرّجولة يمكن أن يجد في الزّعيم الدّينيّ ملاذا. وفي حالات كثيرة هناك خوف من المثليّة يجعل الإنسان في حاجة إلى تصوّرات متشدّدة تحول بينه وبين النّزعة المثليّة التي يعتبرها وسواسا من الشيطان. ولكنّني لا أعمّم، وفي الذّوات البشريّة تنوع كبير يمنعنا من التسرع في ربط النتائج بالأسباب.
وهناك عوامل خارجيّة طبعا، تصل إلى حدّ خلق محترفين للتّشدّد الديني يتقاضون رواتب وأموالا على تديّنهم.



ـ هل تعتقدين ان هناك جهات خارجية تسعى الى تقويض النموذج التونسي وتخريب البلاد عبر ترويج ثقافة لم نعهدهاً طيلة تاريخنا ؟



نعم. فهناك منذ الخمسينات عداء مزدوج قوميّ وإسلاموي للنّموذج التّونسيّ البورقيبي الذي هو بالأساس نموذج تنمويّ يقوم على تحرير الإنسان من الجهل والفقر والمرض وتحرير المرأة وتمكينها من التحكم في حياتها الانجابية. إنه نموذج مغاير للإيديولوجيا القوميّة الموجّهة إلى العدوّ الخارجيّ والإيديولوجيا الإسلامية الرامية إلى إعادة بناء الأمة والخلافة أو إلى تجسيد الإرادة الإلهية على الأرض. النموذج التونسي يقوم على الإيمان بالإنسان وبتحريره. كانت تنقصه الديمقراطية السياسية، ولكن الديمقراطية لم تكن أفق السياسة ولم تكن مطروحة في الخمسينات إثر الاستقلال. وهذا النموذج التونسي تحقد عليه القوى الرجعية في العالم العربي وينكره الإسلاميون في تونس، بل إن ما نعتبره نحن تحريرا للإنسان وللمرأة يعتبرونه هم تجفيفا للمنابع وانحلالا، و الإسلاميون في تونس بعد توليهم الحكم يحاولون طمس فترة بناء الدولة بعد الاستقلال ويشيطنون بورقيبة، ويفضلون عليه زعماء الحركات الإسلامية.



- كيف تقبلت كجامعية « عودة التعليم الشرعي» في جامع الزيتونة وما هي تداعياته على المدرسة التونسية؟



فوجئت كغيري بهذه الدعوة الإحيائية التي لا بدّ أن تكون فاشلة. فالماضي لا يعود إلا في شكل مهزلة، والتعليم الزيتوني شهد حركة إصلاح وتنوير مغايرة لغايات الشخص الذي نصب نفسه وصيا على الزيتونة وعلى نحو عجيب. وما فاجأني هو توقيع ثلاثة وزراء على وثيقة اعتراف بالمؤسسة وباستقلاليتها خارج المسارات الإدارية العاديّة، وبمناسبة حضورهم حفل افتتاح. هل هو التّكفير عن ذنب إهانة الزواتنة في العهد البورقيبيّ؟ ربّما ولكنّ المؤسسات لا يمكن ان تسيّرها العواطف والمكتوبات. نحتاج إلى تعليم وطنيّ موحّد ونحتاج إلى تطوير منظومتنا التعليمية لا للعودة بها إلى الخلف. يمكن أن تعود الدروس إلى جامع الزيتونية وتكون رافدا روحيا وثقافيا، أن تصبح هذه الدروس تعليما موازيا غير خاضع لأي مراقبة فهو ما سنتصدى له.



- اي دور يمكن ان يقوم به المبدعون اليوم وهل تعتقدين اننا نقترب فعلا من « محاكم التفتيش» ؟



نقترب من محاكم التّفتيش إن تواصل العنف باسم الدّين وتواصل الإفلات من العقاب لممارسي العنف والمعتدين على المبدعين، وإن كرّس القضاء المحافظ وغير المحايد تأويلات متعصّبة لنصوص القانون، وإن نجحت كتلة النهضة في فرض تجريم المسّ من المقدّسات سواء في الدّستور أو في القانون. لكن ما نلاحظه هو حيوية المجتمع المدني وتصدي الجمعيات والنقابات المهنية لهذا الحد من حرية الفكر والإبداع. في مستوى الجامعة تم تأسيس مرصد للحريات الأكاديمية أرجو أن يتطور ويصبح فاعلا في الحياة الثقافية.



أسمح لنفسي بأن أقول للمبدعين وللفاعلين الثقافيين وكل المواطنين المتطلعين إلى الحرية : لا تخافوا من تهديدات المصادرين ولا تلغوا أي عمل أو عرض، لأن الخوف والرقابة الذاتية هما الأرضية الخصبة للظلامية وللرقابة والجهل المقدس. لا خوف بعد اليوم شعار ينسحب على الإبداع.



أنت من الكاتبات المستهدفات على شبكة الفايس بوك لماذا خاصة انك لست سياسية ؟



هناك كره يكاد يكون طبيعيا للنساء لدى الكثير من الإسلاميين. بل إن الظاهرة الأصولية حسب رأيي هي ظاهرة مضادة للنسوية أولا وقبل كل شيء. ثم هناك كره للصراحة وتفصيل للكليشيهات واللغة الخشبية. وهما أمران اثنان وأنفر منهما وأتجنبهما عندما أكتب. وهو ما لا يحتمله الكثير من المتقبلين الذين يضيق صدرهم من الفكر المغاير والجديد.



هل هناك امل وهل تعتقدين ان المسار السياسي الذي وضع من المجلس التأسيسي أولوية كان خيارا خاطئا ؟



هناك أمل إذا قبلت الأطراف الحاكمة وخاصة حزب النهضة بمسار الانتقال الديمقراطي، وتراجعت عن مشروع الهيمنة والتسلط. هناك أمل إذا تمّ إطلاق الهيئات المستقلة الضرورية في مجالات الإعلام والقضاء والانتخابات، وهناك أمل إذا لم يتنام العنف السياسي وإذا أبدت الحكومة رغبة صادقة في التصدّي له.



خيار المجلس التأسيسي هو الطريق الأصعب والأخطر. لكن لا بأس. هو في الوقت نفسه الطريق الذي يسمح لنا بالاشتغال على اختلافاتنا. سيكون الطريق مؤديا إلى مطبّة إذا لم ننجح في صياغة دستور ديمقراطي، وغير ضامن للحقوق والحريات، أو ملتبس ومتهافت كما حال المسودة التي اطلعونا عليها وسيكون مؤديا إلى الهاوية إذا أفضى إلى دكتاتورية جديدة. ولكننا يجب أن نتحمل المسؤولية كاملة وأن لا نندم على ما فات. الخوف والندم ليس من صفات الأحرار.

نورالدين بالطيب
 
Dr Raja Ben Slama Blog | © 2010 by DheTemplate.com | Supported by Promotions And Coupons Shopping & WordPress Theme 2 Blog | Tested by Blogger Templates | Best Credit Cards