Reklama

mercredi 27 juin 2012

0
حرية الرأي والتعبير ثروة وطنية مشتركة

الخميس, 03 أيار/مايو 2012
هل بدأ تعويض آلة الحكم باستبداد الفساد والأمن بآلة الحكم باستبداد الفوضى ؟
سؤال قلق يكاد يتحوّل إلى خوف أحيانا في لحظة تاريخية يقرّ فيها الجميع بأنّ الثورة التونسية قد شرّعت أبوابا رحبة للحرية وأعلت قيمة الكرامة في ذات كلّ تونسية وتونسي. كرامة متأصلة في عمق الإنسان خلنا أنها أطاحت نهائيا بالخوف وأصبحت ممكنا قابلا للتحقق في حياتنا.
لقد جاءت الأسابيع الأخيرة بأحداث نغّصت الإحساس الطوباويّ المطمئن بأن شعارات الكرامة والحرية والعدالة والمساواة متحقّقة لا محالة الآن وهنا. أحداث ينادي فيها البعض في الساحات العامة والمساجد ووسائل الإعلام بقتل الآخر المختلف. ويحاكم فيها أفراد ومؤسسات بتهم تتعلّق بالتعبير والتفكير والاعتقاد. ويمنع فيها مفكّرون من الكلام ويعتدى فيها بالعنف على ممثلات وممثلي أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام ومعطلين عن العمل وعائلات جرحى الثورة وشهدائها.
أحداث أعادت إلى الأذهان ذاكرة الاستبداد واستقطاباتها السياسية والايديولوجية المرعبة. ولكنّها أبانت كذلك عن تردّد في الاختيار بين تحقيق أهداف الثورة بتفكيك أسس خطاب منظومة الاستبداد وآليات اشتغالها واقتراح خارطة طريق وطنية واضحة للانتقال الممكن نحو الديمقراطية، وبين محاولة بناء منظومة استبداد جديدة/قديمة تقوم على الإكراه والإقصاء والتهميش واحتكار وسائل السيطرة الاقتصادية والإدارية والرمزية.
هذا التردّد هو مبعث القلق لدى شرائح من المجتمع وسبب من أسباب تعطّل صياغة رؤية واضحة لسبل القطع مع ماضي الاستبداد السياسي وإنجاز انتظارات الناس في سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافيّة تقوم على الكرامة والعدالة.
ورغم محاولة البعض التّقليل من خطورة الأحداث الأخيرة بدعوى انحسارها في ممارسات فردية معزولة وأنها جاءت ردّا على خطاب هو الآخر استفزازي يقوم على الإقصاء، فإنها تشكّل إشكالا في حدّ ذاتها. فالتاريخ يعلّمنا أنّ منظومات الاستبداد والشمولية قامت دائما على تجريد الإنسان من وضعية الحماية القانونية لجسده وفكره وروحه تمهيدا لقتل الكرامة فيه. كما أنّها قامت على طمس شخصيته السياسية وقدرته على المشاركة في صنع القرار والتعبير عن آراءه. لذلك نفهم هذا الإصرار من بعض الأطراف على فرض "حقيقتها" المطلقة باستهداف معنَيين أساسيين من معاني الثورة :
حرية الرأي والتعبير والحريات الشخصية والجماعية.
لقد أصبح عدد هامّ من الشباب والأقلّ شبابا الذين عانوا آلام الإقصاء السياسي والاجتماعي والثقافي والقهر الجسدي والنفسي وطمس هوياتهم الخاصة بهم دعاة للإقصاء ومحتكرين "لشرعية" الثورة التي لا شرعية لها خارج شرعية شعارات الكرامة والعدالة والمساواة والحرية.
كما أصبحوا دعاة لوضع حدود جديدة مصطنعة للحريات عامّة وحرية الرأي والتعبير خاصة ولحرمان البعض منها مستعملين في ذلك فضاءات الحرية التي أتاحتها الثورة.
هؤلاء الحاملون لآلام الماضي لم يجدوا بعد لغة يحوّلون بها الألم إلى صناعة للحلم المشترك في غياب خطاب سياسي مسؤول وفي ظلّ ممارسة للسياسة تقوم على إثارة النّعرات واستثمار الخوف.
1.حرية الرأي والتعبير : الأفق المشترك الهش
لقد كانت الثورة التونسية هبّة جماعية ضدّ الاستبداد والفساد. ولكنها كانت كذلك إعادة اكتشاف لما هو مشترك بين الذّوات. هذا المشترك الذي نسمّيه كرامة حاولت آلة التخويف والإقصاء الفظّة أن تنتزعه من عقول وأرواح التونسيّات والتّونسيين بتحويل السياسي إلى مجال للخوف والإكراه بدل المشاركة، والاجتماعي إلى مجال للإقصاء والتهميش بدل المساواة والعيش معا، والاقتصادي إلى مجال للإفساد واحتكار المنفعة بدل العدالة والتوزيع العادل للثروة، والثقافي إلى مجال للخطاب الخشبي الميت بدل الإبداع والمعرفة، والقانوني إلى مجال لخدمة مصالح فئات معيّنة بدل خدمة الصالح العام وحماية الحريات.
لقد جاءت الثورة لتكشف عمقًا مدنيا عميقًا لدى التونسيات والتونسيين أطاح بآلة الخوف وأعاد مفهوم الكرامة إلى قلب مجتمعنا كلغة بناء أفق مشترك للعيش معًا.
فلم يكن ما شهِدناه في الأشهر الأخيرة من رغبة في التعبير بلا خوف وفرحة بإعادة اكتشاف إمكانات الكلمة والصورة والصوت والإشارة والتعبير الجسدي مجرّد تعبيرات منحتنا إياها سلطة ما فوقية بل كان تجسيدًا لإرادة الحياة لدى مجموعة لم تقبل بقتل رغبتها في الكرامة.
إنّ كلّ محاولة للالتفاف على هذه الإرادة، إرادة التعبير، أو لمحاولة تطويعها وتدجينها ستصطدم بإحساس الجميع أن هناك رغبة لدى البعض في العودة إلى نقطة الصّفر : نقطة الخوف وامتهان الكرامة.
لقد منحتنا الثورة من خلال حرية الرأي والتعبير والتفكير أفقًا هامّا مشتركا للعمل الجماعي من أجل القطع مع ماضي الاستبداد وتثوير رُؤانا في مجالات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على محاربة الإقصاء والتهميش والتمييز. كما منحتنا إمكانيات لاكتشاف الطاقات الفردية والتعبير عن كلّ ما هو مبدع في كلّ ذات بصفتها ذاتا تتساوي مع الجميع في الكرامة المتأصّلة في الإنسان.
ولكن هذه الإمكانات مهدّدة اليوم بمحاولات عديدة لضرب الرأي والفكر النقديين وتجريمهما وتكفيرهما وتعنيف ومحاكمة الإعلاميّات والإعلاميين ومحاصرة وسائل الإعلام العمومية ومحاولة تهميش أصوات منظمات المجتمع المدني والانتقاص من أدوارها الممكنة في الاقتراح ونقد السياسات.
ولا تقتصر هذه المحاولات على الإكراه المباشر بل إنّ هناك رغبة في إطلاق فوضى رمزيّة بالتشكيك في مفاهيم مثل حقوق الإنسان والحريات والدولة المدنية والمساواة أو بوضع مفاهيم في تعارض مطلق وصراع مثل حقوق النساء والطفل/حقوق الأسرة، والكونية/الخصوصية، والعمل المدني/العمل الخيري، والمجتمع المدني/المجتمع الأهلي، وحقوق الإنسان/العقيدة، والحرية/المسؤولية، وحرية الرأي والتعبير/حرية التفكير والعقيدة والوجدان والدين.
إنّ محاولة ضرب حرية الرأي والتعبير بالإكراه حينًا وبإطلاق فوضى مفاهيم حينًا آخر هو المدخل السيئ لإشاعة ضبابية الرؤيا ومنع الناس من فهم حاضرهم وتبين الصّراعات الحقيقية التي تقع الآن بين تصوّرات مختلفة حول المجتمع الذي نريد.
كما أنّها مدخل لإعاقة أيّ محاولة لبناء فضاءات للحوارات الوطنية الحقيقة حول استحقاقات مرحلة الانتقال نحول الديمقراطية واقتراح مشاريع مشتركة حول شكل النظام السياسي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تخرجنا من خراب الاستبداد الفاسد وتداوي جراح الماضي بالعدالة وتجد حلولا حقيقية لمشاكل حارقة مثل التشغيل والفقر والتّهميش.
إنّ مسؤولية الخطاب السّياسي والممارسة السياسية اليوم خطيرة كلّ الخطورة في الحفاظ على هذا الفضاء المشترك: فضاء حرية الرأي والتعبير وبإصلاح المؤسسات الإعلامية والرفع من قدرات الإعلاميين والإعلاميات وحمايتهم بدل عزلهم وتحقيرهم، وصيانة مجال الإعلام بتفعيل القوانين والمؤسسات التي تضمن استقلاليته وتبعده عن الاستقطابات والصراعات التي تنتج هذا الكمّ الهائل من خطابات الكراهية والثّلب والتحقير. خطابات تضرب الحريات باسم احتكار الحقيقة وتبرّر في الآن ذاته العنف والفوضى باسم الحريّات.
وهي مسؤولية تاريخية للجميع : سياسيين وإعلاميين ومشغلين في الحقل المدني لجعل حرية الرأي والتعبير الثروة الوطنية المشتركة التي تسهّل العيش معا وتبني السلم الاجتماعية والتنمية الإنسانية الشاملة.
2.حرية الرأي والتعبير والثورات المنسيّة
لقد أبرز "تسونامي" حرية الرأي والتعبير الذي أبدعته الثورة التونسية موجات من المبادرات المبدعة في كلّ المجالات وأبان عن طاقات مدنية حين وُضعت في مسارات العمل الجماعيّ والوفاقيّ. فإعدادا الإطار القانوني للمرحلة الانتقالية في الهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والحملة التضامنية التاريخية لنجدة وإغاثة اللاجئين وإنجاح الانتخابات والسنة الدراسية وحماية الموسم الفلاحي، كانت كلّها مجهودات تشاركية عبّرت عن وعي شعبي أعاد استلهام خبايا الثروات المدنية المتأصلة في ثقافتنا وتربيتنا الأساسية الأصيلة حين امتزجت بإحساسنا الفردي والجماعي باسترجاع الكرامة.
فهذا البلد استبق الزّمن العربي بإلغاء العبودية وكتابة أول دستور وإنشاء نقابة عمّالية ورابطة للدفاع عن حقوق الإنسان وتحرير النساء والطفل والأسرة والتحرّر من الاستعمار والاهتمام بالتعليم ونجدة القضية الفلسطينية في أصعب مراحلها وبلورة رؤية وسطية متسامحة للدين الإسلامي والمساهمة في كلّ حركات التجديد الثقافي والمعرفي والفني. هذا البلد أنجز ثورة مدنية شعاراتها الكرامة والمساواة والعدالة والحرية أعادت فتح إمكانات كبيرة لإعادة تعريف السياسي وثقافته على أساس المبادئ والممارسات المدنية.
ولكننا نلاحظ اليوم أنّ هذا الحراك المدني قد بدأت تخفت أصواته المتعدّدة أمام احتكار النقاش والتجاذب الحزبي لفضاءات التعبير والاستقطابات السياسوية والأيديولوجية الصّاخبة والاحتقان المتصاعدة وتيرته بين الحكومة وخصومها.
ويمكن أن نعيد هذه التجاذبات إلى انفتاح صندوق التعبير السياسي فجأة أمام التّائقين إلى العمل الحزبي وطول فترة القهر والحرمان من المشاركة في الحياة السياسية. كما يمكن أن نتفهّمها نظرا إلى جدّة الأحزاب وقلّة خبرتها وانقطاعها الطّويل عن محيطها.
ولكن حصر السياسة في نظر شعب مُنع من الثقافة السياسية على مدى عقود في صراعات بين فرقاء، قد يحوّل السياسة إلى مناسبات انتخابية تبعد الجميع عن العمل الجماعي من أجل تحقيق أهداف الثورة وتنتج مشاهد برلمانية وحكومات هشّة.
إنّ حماية فضاءات الثقافة المدنية وإبراز إمكاناتها هو السبيل لشقّ طريق أخرى ما بين العمل السياسي بمعناه التقليدي وتحريك طاقات الناس المبدعة لإيجاد حلول لمشاكلهم وبناء رؤيتهم للمجتمع الذي يريدون.
إن خفوت الصوت المدني أمام ضجة التعبير السياسوي الضيّق والاستقطابات سيزيد من "مناطق الظلّ" في القضايا المطروحة ويعطّل النظر الجماعي في ثورات منسيّة كانت هي الثورات الحقيقية التي أطلقتها تونس.
إنّ الخروج من فخّ إرجاع الخطاب السياسي والممارسة السياسية إلى الشرعية الانتخابية فقط وإلى التموقع الحزبيّ سيعيد الثّقة إلى الناس في ثورتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أطلقوها.
ولعلّ تحييد بعض المواضيع عن الصراع والاستقطاب وإعادتها إلى أفقها المدني، أفق المشاركة الواسعة في الحوار والتعبير والبحث عن الحلول الجماعية، هو الذي سيحمي البلاد من رؤية قدرية تخيّر الناس بين الاستسلام للاستبداد أو الفوضى.
إنّ مواضيع من قبيل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات وصيانة سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية عادلة والنهوض بحقوق الإنسان والحريات وحياد الإدارة هي مجالات يجب أن تحيّد عن الاحتكار والصّراع وتُصاغ تصوّراتها وحلولها جماعيا في إطار فضاءات ثقافية سياسية مدنية تنأى بالناس عن فضاضة التهميش والإقصاء وتحمي قدرتهم على التعبير والمشاركة.
لقد أدخلتنا ثورة تونس، بل أدخلت العالم كلّه، في مرحلة جديدة من مسارات متعدّدة أصبح فيها الاستبداد بمعناه الشمولي سواء كان ايديولجيا أو سياسيا أو أمنيا أو ماليا أمرًا غير قابل للتحقّق في نفوس المستبدّين. ثورة أطلقت كلّ الطاقات الفردية والجماعية للخروج من عوالم الخوف والفاقة. ولكنّها ثورة ملأى بالهشاشة والانتظارات والمخاطر التي لا يمكن مواجهتها بدون ثقافة سياسية جديدة تقوم على التضامن في المسؤولية والمواطنة والحرية

Ben Hassen
mardi 26 juin 2012

0
الكلمات عندما تجيء

كلّ كلمة
لا أحد يدري
متى كلّ كلمة جاءت
كلّ كلمة تجيء..
متثاقلة
كسولة
تدبي كعقارب ساعة
لم يعد يعنيها الزّمن
ثمّ..فجأة
تنقر على أبواب الأمكنة
فتتردّد أصداؤها مثل ذبذبات كؤوس كريستال
في الرّوح الشفّافة
 الكلمة..
إن جاءت
بلا موعد ولا أيّ وعد
في ثياب عاصفة لم ينج من هيجانها
إٍلاّ القليل
تطوّح بآخر غصن في آخر شجرة
تتعفّن عليها أمجاد لغات ذليلة
تخرج ذئاب المعاني من مخابئها
وتعدّها لعراك جديد
وإٍن جاءت أليفة
مضمّخة بعطر مواعيد مشتهاة
تبقى معلّقة كدمعة على خدّ رغبة مستحيلة
بعد أن أطالت التمسّح على أعتاب الحبسة
ومهانة نهاية النّبوءات
وإن.. وإن..
ولكن لا أحد يدري
كرمة الطّفولة التي تنضج حبّاتها
في فصول الذّكرى
مواقيت الموت المتدلّية في صباحات
نسياننا
الجنان التي تجري فيها أنهار
المتعة والخطيئة
كلّها تصرخ بحثا عن هواء
الكلمات.
2. كلمة أولى
أحيانا
من أجل أن نظفر بكلمة أولى
لمغادرة الصّمت
نمضي حياتنا في إعداد تفاصيل الرّحيل
أو في اجتياز امتحانات الفراق
حتّى الجسد كلّما ملّ هذا التّمرين
وأزفت ساعة تداعيه
نعلّقه بمسامير رغبة أخيرة
على شبابيك تلوّح منها
أردية حجيج العشقالبيضاء.
3. تمرين على التّحليل النّفسيّ
لأنّ لنا طفولة
نمضي اللّيل والنّهار نلاعبها
بأشكال عديدة
منّا من يخبّؤها كثمرة عزيزة المنال
في قشرة جوز قاسية
ويتذكّرها كلّما افتقد كلام العزاء
منّا من يظلّ يحوم حولها
طوال الوقت
مثل نحلة تبحث عن رحيق مستحيل
في زهور التّين الشّوكيّ
ومنّا من يضع يدها اللّينة على وجهه
كلّ ليلة
قبل أن ينام الشّعاع
ولأنّ لنا طفولة
نقضّي أجمل أوقاتنا
في كتابة أساطير عن أحلام الكبر
ونسير واثقين في موكب من الحقائق
التي نحبّها.. ثمّ نكرهها.. ثمّ نحبّها..
ثمّ..
فجأة
نتلقّى دعوة رسميّة أن نختفي
فلا يظلّ من الحكايات سوى بقايا
قشرة جوز
ويد ليّنة
ورحيق نكاد نذوق عسله
ونحن ننطفئ.
4. عريس
كلّ يوم أنتظر لقاء العمّة فاطمة
حين تفتح باب غرفتها
تهبّ من الزّوايا المبعثرة
روائح محبّبة
خلطة عجيبة من بقايا أطعمة قديمة
وبول وبخور
على صهوة ضحكاتها المهووسة
تحملني إلى بئر البيت
تدلّيني كعادتها من الفوهة المظلمة
لنواصل مغامرة البحث
عن عريسها الجنّي
في لحظات جنونها اللّذيذة
تقول أنّنا نراه
كسوته الأميريّة خضراء
مطرّزة بأعشاب الخزّ
حواجبه سوداء رقيقة مثل خيوط العنكبوت
وعلى صدره تتماوج مياه العشق
الصّافية
العمّة فاطمة التي هجرها زوجها لجسد جديد
تكاد تفلتني حين تستفيق ذكريات
متعتها المقبورة
هاربا مع خوفي
أراها من خلال غمامة دموعي
تحوم في أرجاء البيت
مع أسرار العائلة التي تخرج من أفواه الأجداد
كفراغات كلمات متقاطعة.
5. قصيدة لشجرة
شجرة الخرّوب
وحيدة في ساحة "حمّام الغزاز"
لا شيء حولها سوى بعض البيوت الخربة
تحدّق فيها منذ دهور
بعيون من غبار
فقط عندما نأتي بضجّة طفولتنا
يتمطّط جذعها المعمّر وينهض من غفوته
مثل أمّ أثقلتها ليالي حمل متكرّر
تضع مساحيق زينتها على عجل
تفرد أغصانها كخصلات أميرة الغابة المستيقظة
وتقبّلنا قبلة الصّباح
دماء عروقنا الرّقيقة تنشط
تجري مع قطط السّاحة
وترسم على جدران الخرائب
لهفة رغبتنا الأولى
قلوبنا التي أرقّ من رعشة الضّوء
تصدح بكلمات لا أحد سيخبر عنها غيرنا
أصابعنا تنحت لآلئ أشعار قادمة
وثمار متعتنا تصعد إلى غابات
السّماء
كم ليلة من ليالي الوحدة القادمة
في سنوات ترحالنا
ستزورنا شجرة الخروّب
ومثل أمّ حنون
ستفتح حدائق أحلامنا
لتنام فيها معانينا مثل دويبات سرّ
لا ترى
الكلمات
المعاني
الألعاب
لم تعد مثلما كانت عليه
بعد أن قطعوا شجرة الخرّوب.
6. مرافئ للغات
فقدنا أكثر سفننا
ولم نبلغ الشّاطئ بعد
غيلان البحر اقتلعت عيون البحّارة
وعلّقتها على السّاريات
كبوصلات عمياء
القراصنة، الذين جاؤوا من الشّرق والغرب على دفعات
هجموا مرّات عديدة بسيوف تلمع كالبروق
بقروا بطون الحوامل
وأخذوا الأجنّة إلى عراء التّيه
الأمواج المجنّحة
الأمواج الجامحة
تلاعبت بلا هوادة بعلامات الاتّجاه
ونحن ما زلنا نضع رسائل خوفنا وآمالنا المتبقّية
في زجاجات ونرسلها إلى قلوب شفّافة
هناك في آخر الأكوان
كلّ هذا لم يكن حربا
ولم يكن عاصفة
كان مجرّد حلم متكرّر
لشعوب عجيبة ما زالت تبحث عن مرفأ
للغاتها

AB. Ben Hassen
lundi 25 juin 2012

0
أفراح نافقة



مثل عيون اقتلعت من محاجرها
كانت ثقوب القذائف في المنازل المتداعية
تحدّق فينا
في طريق زيارتنا لمخيّم اللاّجئين
في "الكونغو الدّيمقراطيّة"
"فرنسوا" سائقنا العجوز
يلعق عرقا اختلط بلعاب لفّافة تبغه
وكلماته التي لم تنقطع لحظة
عن البؤس والخوف
وجراح الحرب الأهليّة
كلماته التي تشبه زخّات رصاص ملهوف
تمتزج بنعيق منبّه العربة
وصرخات أطفال مرحين
يلعبون الكرة بين الحفر والأطلال
على باب المخيّم
كوابيس تنتظر
نساء يشبهن أقحوانا ميّتا
يغسلن أجنّة في دم خاثر
رجال يتسلّقون ساريات سفن سوداء
ويخنقون حناجر الرّيح
جنود يشقّون صدورهم
يسحبون سيوفا
ويرسمون وشما على جبين
رسول الموت
الفاجعة تهيج
في سوق المخيّم البائس
في سلال البائعات الصّغيرات
ثمار فرح نافق
وذكريات ليالي اغتصاب
طويلة
بين قامات المزارعين
الباحثين عن بقايا بذور
في جراح التّراب
تضطرب خطواتنا
أحضانهم الخاوية تستقبل أشجاننا
الآتية من بعيد
وأياديهم المقطوعة تسحبنا بودّ اٍلى
يوميّات العدم
"ستعود الحياة" يهتف "فرنسوا"
بكلماته التي تشبه طوفان جوع
وشوق
" لا شيء سيحبس غبار تيه
الحياة".

mercredi 20 juin 2012

0
عريضة ممضاة تطالب بإضافة قانون يمنع المسّ بالمقدّسات

خطير جدّا :
عريضة ممضاة تطالب بإضافة قانون يمنع المسّ بالمقدّسات. سيكون قانونا قاتلا للحرّيّات، قاتلا للحرّية بعد ثورة رف
عت شعار الحرية والكرامة. 

هذه هي الثّورة المضادّة يا من لا يرون الثّورة المضادّة إلاّ في التّجمّعيين.
يجب أن يتجنّد :

أوّلا، الفنّانون

ثانيا، الجامعيّون والباحثون. هناك مرصد للحرّيات الأكاديميّة عليه أن يتحرّك.

ثالثا، الإعلاميّون، ممثّلين في نقابتهم

لا تنسوا أن المقدّسات كلمة فضفاضة يمكن أن تشمل كلّ شيء. ألم يعتبروا لوحة الملتحي مسّا بالمقدّسات؟ سيصبح التّعرّض إلى أي شيخ من الشيوخ مسا بالمقدّسات، سيصبح أيّ فكر نقديّ مسّا بالمقدّسات.

الرّجاء النّشر على أوسع نطاق.
تعبونا. لكن لن نستسلم
mardi 19 juin 2012

0
بيان من الجمعيّة التونسيّة للإنشائيات والجمايات

بيان من الجمعيّة التونسيّة للإنشائيات والجمايات

تونس في 18 جوان 2012

بيــان تـنـديـد

إنّ الجمعية التونسية للإنشائية والجماليات، والتي ما فتئت منذ ما يزيد عن عقدين تعرّف بالتمشّيات وبالأعمال الإبداعية الفنية وتعمل على تطوير النقد الفنّي والاستتيقي، تسجّل بكلّ استياء خطورة أحداث العنف والتشويه والمغالطة التي تلت معرض ربيع الفنون بالعبدلية، والتي تتنافى مع ما عرف به المجتمع التونسي من اعتدال وانفتاح في انسجام تام مع مقوّماته الثقافية والحضارية. كما تعبّر عن:
-تنديدها الشديد بالترويع الذي يتعرّض له المبدعون وعائلاتهم والتهديد بالاعتداء على حرماتهم الجسدية.
-استغرابها من تطفّل جهات بعيدة كل البعد عن دوائر الإبداع والنقد الفني، وانتصابها حكما على القيم الجمالية وسلطانا على الأذواق الفنية.
-دعوة كل أنصار الحرية والإبداع للوقوف صفّا واحدا ضدّ كلّ الممارسات التي تستهدف شروط إمكان تواصل وازدهار الإنتاج الثقافي والفنّي بكلّ أشكاله.

الجمعية التونسية للإنشائية والجماليات
الهيئة المديرة

0
د. رجاء بن سلامة: نعمل على أن يقطع حزب النّهضة صلته بالأدبيّات الإخوانيّة


كتب: بيروت – محمد الحجيري
Aljarida

تمتاز الدكتورة والباحثة التونسية رجاء بن سلامة بموقفها الجذري من الحركات المتأسلمة، وتدأب على صفحتها على الـ{فيسبوك» وفي كتبها وفي موقع «أوان» على التعبير عن مواقفها الجريئة والرصينة والمغايرة عن السائد، وتواجه الأحزاب الشمولية من خلال مواقفها الباحثة عن مستقبل مدني أفضل. معها هذا الحوار عن مرحلة ما بعد الثورة في تونس. 
كمثقفة لديك رأيك الجذري في النظرة إلى الواقع العربي والإسلامي والتونسي وتصرين على الدعوة إلى التغيير، هل شعرت بإرباك أمام التظاهرات الشعبية التي بدت كأنها خارج إطار المنحى الثقافي؟

لم أكن أعتقد أنّها ثورة إلا بعدما سقط النّظام، فأصبحت أنظر إلى التّظاهرات الشّعبيّة بعين أخرى، أرى فيها الكثير من الشاعريّة والذكاء. إنّه الشّعب الذي لا يظهر إلا في لحظات نادرة خاطفة. أمّا الجموع التي خرجت بعد ذلك لتطالب بالهوية وبالحد من الحريات، فشأنها آخر. إنها أحد وجوه الثورة المضادّة. الثورة لحظة انفتاح نادر، والمطالبة بالهوية لحظة انغلاق عادي، هو جزء من قلق العرب الحضاري في الأزمنة الحديثة.
ثمة من قال إن «الفئة المثقّفة» معزولة عن الواقع، بمعنى أنّها غير فاعلة في النسيج الاجتماعي العربي، ما رأيك في ذلك؟
ربما كانت معزولة لأنها محرومة من الفعل السياسي والمدني الحر ومحرومة حتى من وسائل الإعلام. المسألة معقّدة. ثمة من ناحية كسل ذهني يجعل هذه النخب معزولة، لأنها ربما، خلافا للدعاة الدينيين مثلاً، لا تحاول العمل على خطابها لتبسيطه وإيصاله بأساليب سهلة.
ومن ناحية أخرى، لولا وجود نوع من النخب الملتزمة بحقوق الإنسان، لما انتشرت أفكار الحرية والكرامة في بلدان الربيع العربي، وفي تونس خصوصاً. والشّباب الغاضب لم ينتظر الإذن من أحد.
كثيراً ما ترافقت الثورات العالمية مع مقدمات ثقافية أو فلسفية أو نظرية، الثورة الفرنسية كان لها منظروها وكتابها وكتبها واقترنت أفكارها بـ{عصر التنوير»، والأمر نفسه في «الثورة الشيوعية» الروسية التي استندت إلى نظريات ماركس وكتابات لينين، وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي سبقته نظرية ميخائيل غورباتشوف… اليوم ثمة شعور بأن هذه التحركات والاحتجاجات في العالم العربي هي من دون كتب أو عفوية، وهناك تفسير سطحي بأن مصدرها الـ{فايسبوك» و{اليوتيوب}، وشرارتها صفعة الشرطية التونسية لبائع الخضار، ومن بعدها مقتل خالد سعيد في السجن المصري على يد قوى الأمن، ثم تعذيب أطفال درعا في سورية… أنت كيف تنظرين إلى الثورات من منظور ثقافي ونفسي؟

يجب أن لا نخلط بين البنيوي والحدثي. للثورات العربية أسباب بنيوية يجب البحث فيها، وثمة أحداث عارضة، مثل حرق البوعزيزي نفسه، تحولت إلى أحداث كبرى وإلى رموز، ولم تكن لتتحوّل إلى رموز لولا العوامل البنيوية التي منها العوامل الثقافية. المناضل النقابي والشهيد فرحات حشاد كان يردد منذ الأربعينيات شعار «الخبز مع الكرامة». «الشعب يريد» هو ترديد لبيت أبي القاسم الشابي «إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بدّ أن يستجيب القدر»… تحرر المرأة وخروجها إلى جانب الرجال أثناء الثّورة نتاج لأفكار المصلح الاجتماعي الطاهر الحداد، ولما فعله الزعيم الحبيب بورقيبة من أجلها منذ 1956، تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية. في سنة 2009 رفع شعار «الشّعب يريد التّداول على السلطة» إبّان الحملة الانتخابية لمرشّح حزب التجديد. هذا الشعار قريب جداً من «الشعب يريد إسقاط النظام».
إذاً هذا الحراك ليس مقطوعاً من التاريخ الاجتماعي والثّقافي، وإن أوهمنا طابع المفاجأة للثورة التونسيّة بهذا. أجيال متعاقبة من المفكرين والمثقفين والناشطين الحقوقيين والمعارضين السياسيين مهدت لهذه الثورات، فلا يصح أن نعتبرها آتية من عدم.
ثمة أمر شديد الحساسية، يدور حول حرق محمد بوعزيزي نفسه في تونس!! كثر قالوا إن السبب يعود إلى تلقيه صفعة من «شرطية» بمعنى أنه الرجل الذي أهين من امرأة أو أنثى وأحرق نفسه احتجاجاً… كيف تفسرين هذا الأمر من منظور نفسي وبعيداً من الكتابات العاطفية والمعنوية التي نشرت حول مفجّر شرارة الاحجاجات؟
يجب أن نميز بين الشخص التاريخي المتعين والرمز. الشخص في حدّ ذاته لا يهمّ. المهم والمؤثر هو ما ارتسم من صورته عند الناس.
الشخص في حدّ ذاته قد يكون تصرف في لحظة كآبة قصوى مؤدّية إلى الانتحار. لكنّ الجماهير الغاضبة حوّلته إلى بطل ورمز، لأنها كانت تحتاج إلى رمز، في غياب الزعامات السياسيّة. البوعزيزي كان رمز الثورة الظاهر. ولكن كان هناك بطل خفيّ لها، هو رئيس أركان الجيش الوطني الجنرال رشيد عمّار. فلولا رفض الجيش الوطني إطلاق النار على المتظاهرين، وما حصل بعد ذلك في الكواليس، لما غادر بن علي قرطاج، ربّما. الملابسات ما زالت غامضة، في انتظار كتابة التاريخ. لكن دور الجيش الوطني كان حاسماً.
تتوجسين دائماً من «الإسلام السياسي» و{التشريع الصنمي»، هل لديك مخاوف من سيطرة الإسلاميين في تونس ومصر؟
الوضع في تونس مختلف عن مصر، لأن القوى الديمقراطية في مصر تواجه المجلس العسكري من ناحية والإسلاميين من ناحية أخرى، ثم نسبة الإسلاميين السلفيين الرافضين لكثير من المبادئ الديمقراطية أعلى في مصر.
المجتمع المدني في تونس، والاتحاد العام التونسيّ للشغل يمثلان ركيزة أساسية في مقاومة كل مظهر من مظاهر الهيمنة اللاديمقراطية، وكل محاولة لضرب أسس الدولة المدنية. توطئة الدستور التي تمّ تحريرها أخيراً هي محاولة توفيق بين النزعات كافة الموجودة داخل المجلس التأسيسي. لكنها تنص على مدنية الدولة وعلى الفصل بين السلطة والمساواة بين المواطنين والمواطنات.
حزب النهضة حذر، وقد تنازل عن مطلب قسم من أنصاره بخصوص اعتبار الشريعة أحد مصادر التشريع. تنازل لسببين هما الضغط المدني وخلوّ برنامجه الانتخابي من هذا المطلب.
إنّها معركة يوميّة لأجل حياد أجهزة الدولة، وفصل الحزب الحاكم عنها، والحفاظ على الحريات الخاصة والعامة. وهذه المعركة ممكنة بفضل الحريات السياسية التي حققتها الثورة، وأساسها حرية التعبير والتظاهر والتنظم. في النهاية، ستحصل توليفة ما أرجو أن تتحقق معها مطالب الديمقراطيّة والعدالة في التنمية. ثمة مخاطر اقتصادية جمّة، لكنني أفضل حالة المخاض والانفتاح وإن كانت خطيرة على وضعية الركود والاختناق التي كنّا نعيشها مع نظام بن علي.
هل يمكن أن تنتهي الثورات التي رحب بها العالم الى «خمينية جديدة» في العالم العربي؟
ثمة فارق كبير بين ما حصل في إيران وما حصل في تونس ومصر. في إيران، ساهم الخميني وجماعته في الثورة، وكانت لهم هذه الشرعيّة. في تونس ومصر، لم يساهم الإسلاميون في الثورة، بل جاؤوا بعدها ونجحوا في الانتخابات نسبيًّا. إذاً لهم شرعية انتخابية لا ثوريّة، خلافاً للخميني. أضف إلى ذلك أن سياق سنة 1978 غير سياق الألفية الثالثة. لسنا أفضل من الإيرانيين، لكننا أكثر حذراً منهم، لأننا رأينا ما تعرّضوا إليه من توظيف تيوقراطي لثورتهم. وأرجو أن نستفيد من كل دروس التاريخ الحديث.
في رأيك هل يمكن قيام دولة مدنية في ظل الإسلام السياسي، ألم تكن العلمانية على الطريقة العربية (البعثية في سورية، والدستورية في تونس) سبباً في تنامي الأصوليات أو العودة إلى الإسلام السياسي، بمعنى أن التطرف يولد التطرف؟
الحزب الذي لا يطرح شعار «الإسلام هو الحل» ويقول عن نفسه إنه حزب غير ديني بل مدني لا شك في أنه يمثل حلقة جديدة من مسلسل الإسلام السياسيّ الذي يلغي نفسه بنفسه عندما يخضع إلى منطق الدولة والسياسة. هذا شأن حزب النهضة في تونس، وهذا سبب لكثير من مظاهر الارتباك والتناقض في هذا الحزب، خصوصاً في ما تعلق بملف السلفيين وكيفية التعاطي معهم. نحن نعمل على أن يقطع حزب النهضة صلته بالأدبيات الإخوانيّة، ونحاور قياديّيه يوميًّا حتى يزهد نهائيًّا في كل ما يتناقض مع مسار التحوّل الديمقراطي.
هل ثمة احتمال لتفكك «إنسان الجموع» بعد الثورات؟
الثّورات، خصوصاً في تونس فتحت مساراً وحركيّة. كل حركية معقدة فيها الشيء ونقيضه، وفيها العثرات والنكسات، لكنني أظلّ متفائلة. في تونس، حققت الثورة إلى حد الآن مكاسب سياسية، منها حرية التّعبير، وهذا ليس بالشيء الهيّن، لأنه يسمح بالحوار وبالمقاومة السلميّة.
تعرضت لتهديد مباشر أنت والمفكر العفيف الأخضر من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس، هل هذا التهديد ما زال قائماً وهل الدولة التونسية بعد سقوط بن زين العابدين علي قادرة على حمايتك، خصوصاً أن الغنوشي عاد إلى تونس؟!
رغم معارضتي لنقاط المحافظة بل والرجعيّة أحياناً في خطاب الغنّوشي، فلا يسعني إلا أن أقول إنّ التحريض على العنف ليس أسلوبه. التهديد الذي تشير إليه كتبه أحد المعلقين على موقع الغنّوشي منذ سنوات، وقد تمّ حذفه. يجب أن نقول الحق على أنفسنا وعلى خصومنا، وإلا فقد المثقّف كل مصداقية.
شخصيًّا لم أغيّر نهجي في الحياة وفي التفكير والتدريس بعد اعتلاء الإسلاميين الحكم. بل على العكس، كتبي التي كانت ممنوعة في تونس قبل الثورة تباع اليوم بها. أستمتع كغيري بحرية التنظّم التي كانت حكراً على المقرّبين، وأستمتع بحرية التظاهر السلمي التي كانت محفوفة بالمخاطر في عهد بن علي.
تصلني رسائل تهديد على الشبكات الاجتماعية من حين إلى آخر، لكنني لا أعيرها أي اهتمام، فأهمّ ما أخاف منه هو الخوف. في الخوف تترعرع أنواع الفاشية كافة، ومن شعارات التونسيين أثناء الثورة وبعدها: «لا خوف، لا رعب، السلطة ملك الشعب». أنا تلميذة في مدرسة هذه الثورة.
samedi 16 juin 2012

0
نداء تونس لإنقاذ الجمهوريّة ومبادئها وتعزيز الدّيمقراطيّة النّاشئة


أكرّر وأوضّح.
لا مجال للمقارنة بين ما يجري في تونس وما يجري في مصر. الباجي قايد السبسي رجل دولة وليس من "أزلام النّظام القديم"، وليس عسكريّا. انتبهوا : ليس عسكريّا. ليس لنا مجلس عسكريّ في تونس يهدّد الدّيمقراطيّة. لكن لنا حزب إسلاميّ لم يقطع مع ماضيه اللاّديمقراطيّ، ولم ينفصل عن السّلفيّة وكلّ ما يهدّد الدّولة والمجتمع. وفي هذه المبادرة يساريّون ونقابيّون لم يكونوا يوما في نظام بن علي، وتاريخهم معروف، منهم الطّيّب البكّوش، النّقابيّ السّابق والسّجين السّابق في زمن بورقيبة-أحداث 1978-. وستلتحق بهذه المبادرة كجبهة انتخابيّة أحزاب يساريّة. إذن ليكفّ الفرايجيّة من المثاليّين اليساروييّن مزايداتهم. وليكفّوا خاصّة عن المقارنات الزّائفة. أمّا النّهضويّون فيخافون من هذه المبادرة ويحاولون تشويهها بكلّ الوسائل.
نخب البلاد، أو على الأقلّ قطاع كبير منها تساندها. وهي ستقوم بالعمل الميدانيّ في الجهات وفي الأحياء الشّعبيّة.
يجب أن نساندها لأنّها أمل تونس فعلا لتأكيد المسار الدّيمقراطيّ. في عهد حكومة الباجي قايد السبسي أطلقت الهيئة المستقلّة للانتخابات، وصدرت مراسيم متطوّرة وديمقراطيّة، منها ما لا تريد النّهضة تفعيله-المرسوم المنظّم للإعلام مثلا- لأنّها لا تريد حرّية التّعبير ولا تريد الدّيمقراطية بل تريد الهيمنة والحكم. الأحداث الأخيرة دليل على ذلك.
إن كان هناك أشخاص لا يعجبونكم في هذه المبادرة فلا تطلبوا الكمال، بل اسعوا إلى تخليص البلاد من سطوة هذا الحزب الحاكم.
vendredi 15 juin 2012

0
إنّي أتّهمكم... وأحمّلكم المسؤوليّة

رجاء بن سلامة
 
أسوأ المشاعر الخوف، وأسوأ منه الحقد. وأرى حقدا على الدّولة، وعلى بُناتها. وأرى حقدا على المجتمع وثقافته وعاداته الحميمة. أحبّ قبل أن أكره، وأحسن الظّنّ  قبل أن أسيئه. لكنّ المقام الآن يقتضي الإدانة الصّريحة وتحميل المسؤوليّات. صيحات الفزع؟ بحّت أصواتنا وجفّت أقلامنا من إطلاقها ولا من سميع. بل لا نرى سوى الهروب إلى الأمام والتّنصّل من المسؤوليّة بشتّى أنواع المغالطات.    
بعد أن ظهرت نتائج انتخابات 23 أكتوبر، كتبت ما ظلّ يردّده بعض التّونسيّين إلى اليوم : لا تصادروا النّوايا، انتظروا الأفعال بعد الأقوال، اتركوا الحكومة تعمل... بل كتبت ما معناه : هذه طبقة سياسيّة جديدة، وصعودها إلى الحكم دليل على وجود ثورة وانقلاب اجتماعيّ.

 أليس أبدع من أن يتولّى الحكم من كانوا في السّجون، حتّى وإن همس بعضهم أنّهم يحتاجون إلى تأهيل، حتّى وإن همس بعضهم أنّهم لم يناضلوا من أجل الحرّية بل من أجل الاستبداد باسم الدّين؟ اُتّهمت عندها بقلب "الفيستة". نيّتي كانت صادقة، لأنّني أرفض استباق الأحداث ومصادرة النّوايا، وأومن بقدرة هذه البلاد على إنتاج معجزات صغيرة صغر حجمها. بعد ذلك توالت الأحداث، وتعاقبت الخيبات، وأصبحنا جميعا من جماعة "الصّفر فاصل"، كما جاء على لسان أحد أعضاء الحكومة وخارج البلد. بقيّة الشّتائم الجاهزة معروفة، وأصبحت موضوع تندّر.


ظهرت معاداة المعارضة على نحو بعيد عن الفكر الدّيمقراطيّ الباحث عن التّوافق رغم الاختلاف، وبعيد عن العدالة الانتقاليّة وما تحمله من قدرة على تجاوز الماضي، واتّضحت المماطلة في إطلاق الهيئات التّعديليّة التي تضمن استقلاليّة القضاء واستقلاليّة الإعلام ونزاهة الانتخابات. عدّلت موقفي، أصبحت أنتقد أداء الحكومة. واليوم، أرى الدّولة في خطر، والسّلم الاجتماعيّة في خطر، والحرّيّات في خطر، وأترك شأن الاقتصاد إلى من يفهمونه، لكنّه أيضا في خطر. والمهمّ أنّني أرى الخيبة على وجوه من قاموا بالثّورة.

 لم يعد الموقف يحتمل النّقد بل يتطلّب الإدانة وتحميل المسؤوليّة لمن يريدون التّنصّل منها، وهذا دور المثقّف رغم أنّ الحملات على المثقّفين كثيرة، وتبدو منظّمة. وهذه هي الشّعبويّة التي تصاحب الثّورات، وقد تسبق الفاشيّة.

أتّهم السيّد وزير الدّاخليّة بأنّه لم يكن عادلا وتمادى في عدم العدل إلى أن وضع مؤخّرا على نفس الميزان وفي كفّتين متوازييتين  من يعبّرون بالصّورة وبغيرالعنف المادّيّ، وإن افترض أنّهم "أساؤوا إلى المقدّسات"، ومن يشهرون الأسلحة ويدمّرون الممتلكات والمؤسّسات، مؤسّسات السّيادة. السّيد وزير الدّاخليّة يدين "أقصى اليسار" و"أقصى اليمين".

خطابيّا، قد يعجب هذا التّناظر البعض، ولكن كم في الخطابة السّياسيّة والبهلوانيّات الكلاميّة من مغالطات. أقصى اليسار هم الكادحون والمعطّلون عن العمل والفقراء الذين يعبّرون سلميّا وإن بشطط أحيانا على خيبتهم من برامج الحكومة. و"أقصى اليسار" أيضا هم فنّانون عرضوا لوحات قد تكون ساخرة، قد تكون غاضبة، لا أدري.

 أقصى اليمين من هم؟ رأيتهم يتسلّقون السّاعة كالأطفال المشاغبين الرّاغبين في عقاب يوضّح لهم حدود الممكن، رأيتهم في القيروان يستعرضون فنون القتال، وقبل ذلك رأيتهم في كلّية الآداب بمنّوبة حيث أدرّس. رأيت كيف يهشّمون الأبواب ويقتحمونها ويتّهمون الأساتذة بالكفر، ثمّ يعودون ويعيدون الكرّة، ويعتصمون لمدّة أسابيع، وتتعطّل الدّروس. لم تستقرّ الأمور ولم نعد إلى أداء مهامّنا إلاّ بعد أن أساؤوا إلى علم البلاد.

رفعت القضايا ضدّهم، لكنّ السّيد وكيل الجمهوريّة بمنّوبة ترك الملفّات على منضدته، ولم يسمح بإجراءات التّحقيق إلاّ بعد  أشهر طويلة. لا يحتاج الإنسان اليوم إلى أن يكون مثقّفا حتّى يدرك ظاهرة الإفلات من العقاب، ولأسباب تتعلّق بإيديولوجيّة من يعتلون الحكم. وما أسوأ الإيديولوجيّات عندما تكون مدمّرة للدّولة.

ولكم في مواقف اتّحاد نقابات الأمن أبرز دليل على الانحياز والتّهاون في تطبيق القانون. ولكم في تنامي العنف أبرز دليل على عواقب الإفلات من العقاب.   


سيّدي وزير الدّاخليّة،
أتذْكر ما حصل يوم الاحتفال باليوم العالميّ للمسرح؟ في يوم 27 مارس 2011، رأينا فنّانين جاؤوا بأثواب زاهية وأقنعة ليقدّموا عروضا أمام المسرح البلديّ. هل تعدّوا على المقدّسات؟ كلاّ. كانوا كالفراشات الجميلة الرّقيقة. مع ذلك هاجمهم المرتكبون للعنف باسم الدّين، ولم يجدوا نصرة من رجال الأمن، وهم على مقربة  من وزارتكم. ما كان قراركم؟ حظر التّظاهر في شارع الحبيب بورقيبة لأجل غير معلوم. هل عوقب من مارسوا العنف آنذاك؟ لا أعتقد.

 هل رأيت وجه جليلة بكّار ودموعها؟ ربّما. لكنّك واصلت.

 دمعت عيناك أيضا في قبّة البرلمان، وكان الموقف مؤثّرا بعد العنف الذي مارسه جهاز الأمن ضدّ المتظاهرين المسالمين في عيد الشّهداء، وكنت منهم، واستنشقتُ غازات لم آلفها في عهد بن علي.

 قلت في نفسي : ربّما تجاوزته الأمور. ربّما تذكّر آلام السّجن ورآها في آلام من قمعتهم قوات الأمن يوم عيد الشّهداء. لكنّتني فوجئت كغيري بأنّ من أخذ الكلمة لمدحك يومها، وكان من الحزب الذي تنتمي إليه، أصبح رئيسا للجنة التّحقيق في التّجاوزات الأمنيّة يوم 9 أفريل. أأنتم الخصم والحكم.؟ أليس هذا هو قانون الغاب، قانون الأقوياء المنتشين بقوّتهم؟ هل تعي سيّدي الوزير بالشّحنة اللاّأخلاقيّة في عمل سياسيّ من هذا القبيل؟ هل تعي بعواقبه الرّمزيّة والنّفسيّة في شعب ثار على القهر؟


سيّدي الوزير،
 ثبت بما لا يدعو مجالا للشّكّ، أنّ ما حصل من تخريب مؤسف ومن أعمال عنف في ليلة 11 جوان كان نتيجة تلاعب بالمشاعر الدّينيّة وتحريض مبالغ فيه. لقد افتتح المعرض بالعبدلّيّة في غرّة جوان وتواصل إلى يوم 9 جوان. ولم يحصل شيء. لكن في يوم 10 جوان، ظهر زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظّواهريّ، يحرّض التّونسّيين على الجهاد ضدّ الكفر. وفي نفس اليوم ظهر السّيد وزير الشّؤون الدّينيّة ليعلن أنّ المقدّسات في خطر. وهذا وهم. كيف يتعرّض إلى الخطر معتقد يؤمن به المليارات من البشر؟ أشكّ في إيمان من يعتبر الذّات الإلهيّة، وهي متعالية، عرضة إلى الإهانة أو الخطر. وقد ثبت أيضا أنّ معرض العبدلّية أدين للوحات لم تعرض فيه، منها ما هو موجود في السّينغال.


أدين السّيد وزير الشّؤون الدّينيّة، لأنّه لم يدع إلى التّهدئة ونبذ العنف، ولأنّه أيضا يكيل بمكيالين : يتسامح مع ممارسي العنف في المسجد الذي زاره وفقد فيه حذاءه على نحو مهين له وللدّولة التي يمثّلها، ويحرّض على التّظاهر ضدّ فنّانين مسالمين. وقد سبق أن رأيناه يدافع عمّن حرّض على القتل، ويختلق له الأعذار.

سيّدي وزير الشّؤون الدّينيّة،
سمعتك تتحدّث عن المواطنة وتبجّل الدّولة على الانتماء الطّائفيّ والدّينيّ. لكنّني أرى سلوكك مختلفا عن خطابك. لم أرك تدين العنف وسيطرة المتعصّبين على المساجد بقدر ما رأيتك تحرّض الجموع وتهيّجهم.

أدين السّيد وزير الثّقافة، لأنّه أقدم على ما لم يقدم عليه وزير ثقافة في عهد بورقيبة أو بن علي : أقدم على رفع دعوى قضائيّة ضدّ جمعيّة فنّيّة، لا تشهر السّيوف، ولا تحرق مراكز الأمن أو المحاكم، بل تسمح للفنّانين بعرض أعمالهم. في صبيحة يوم 13 جوان 2012، في إذاعة شمس ف م، تلجلج السّيد الوزير، وتلعثم ومهمه، عندما قدّم له نقيب الفنّانين الحجج على أنّه أدان و"حجز" لوحات لم تكن موجودة بالمعرض، وأوّل على نحو إيديولوجيّ وشعبويّ منحاز لوحات كانت معروضة، هي عرضة لشتّى التّأويلات. أين تقف المقدّسات وأين تنتهي؟

 عادل الإمام أدين في مصر لأنّه سخر من المتعصّبين. فهل التّعصّب من ثوابت الإسلام؟ موقف السيّد وزير الثّقافة كان بعيدا عن الثّقافة، وعن أوّليّات ما تراكم من معارف عن التّأويل واختلافاته، وعن أوّليّات حرّيّة الضّمير كما تنصّ عليها المواثيق الدّوليّة.  

سيّدي وزير الثّقافة،
أحسنت بك الظّنّ كعادتي. وعندما دعيت إلى حوار في قناة عربيّة وطرح عليّ سؤال عن موقفك الشّهير من بعض المطربات العربيّات، دافعت عن موقفك. وقد كنت مخطئة. لأنّني رأيتك في تلك النّدوة الصّحفيّة الكابوسيّة تتحدّث عن قراراتك المخجلة بكلّ فخر وصلف. وفي الغد، حاولت تعديل موقفك، وأبديت معارضتك لدعوات القتل التي تستهدف الفنّانين. لكن هيهات. إن حصل مكروه، فسيادتك ستكون مساهما فيه. ولقد أغضبنا موقفك بشكل خاصّ، لأنّك وزير للثّقافة، ومن يتولّى وزارة الثّقافة يجب أن لا يخون قضايا المبدعين، وأن لا يركب الموجة الشّعبويّة.

 لقد فضّلت السّياسة المؤدلجة على الثّقافة، وتماديت. وربّما سيكتب التّاريخ اسمك في السّجلّ الأسود لمن ساهم في اضطهاد الفنّانين حتّى يمهّد الطّريق للفاشيّة الدّينيّة.  


أدين السّيد راشد الغنّوشيّ، لأنّه انحاز أيضا إلى الحزب والإيديولوجيا على حساب الدّولة، والأمن. أحسن الظّنّ بالسّلفيّين، واعتبرهم دعاة لـ"ثقافة جديدة"، وباح لنا بأنّهم يذكّرونه بشبابه، وجاملهم، ولم أسمعه يندّد بأعمال  العنف التي يأتونها إلاّ بقدرما ما يندّد بضحاياهم، مخرجا لنا في كلّ مرّة نظريّة "الاستفزاز" البافلوفيّة، وكأنّ النّاس حيوانات هوجاء غير عاقلة وغير ناطقة.  
وأدين السّيد راشد الغنوشي لأنّه في ليلة 13 جوان، وحظر الجولان مفروض على البلاد، وقلوبنا واجفة، رأيناه  يدعو من القناة الوطنّية إلى التّظاهر يوم الجمعة انتصارا للمقدّسات.



السّيد رئيس حزب النّهضة،
 هل تدرك خطورة ما أقدمت عليه؟ لم تدع إلى التّظاهر ضدّ تعليمات تنظيم القاعدة وضدّ تدخّلها في الشّأن التّونسيّ ودعوتها إلى ممارسة الإرهاب، أو ضدّ التّدمير والعنف بل دعوت إلى حماية المقدّسات. إن كنت تريد استغلال التّجييش الدّينيّ للعواطف في حملة انتخابيّة سابقة لأوانها، فهل تدرك أنّ العفاريت يمكن أن تنطلق من عقالها، بحيث تدمّر الأخضر واليابس؟ هل تدرك أنّ هذه الماكيافليّة السّياسيّة يمكن أن تدمّر البلاد، فهي غير محسوبة العواقب؟ السّياسيّ يحسب العواقب عادة، وأراك لا تحسب العواقب. إلاّ إذا كان حزبك يتوخّى العنف سبيلا إلى السّيطرة على الدّولة والمجتمع، وقد رأينا من أنصاره تصرّفا مليشياويّا باعثا على القلق. والهجوم على الفنّانين يذكّرنا على نحو محزن بالحركات الفاشيّة التي بدأت ترسي طغيانها عبر اضطهاد الفنّانين.


أحمّلك مسؤوليّة كلّ خراب  قد ينجرّ عن دعوتك.

كنتم ضحايا في عهد بن علي؟ نعم، رغم تعقّد ملفّات بعضكم. لكنّكم لم تقوموا بالثّورة. نجحتم في الانتخابات ولكم شرعيّة انتخابيّة؟ نعم. لكنّ هذه الشّرعيّة اهترأت لأنّكم لا تحمون الدّولة ومؤسّساتها ولا تحمون المواطنين، ولا تحمون حرّيّة الضّمير التي تشمل حرّية التّعبير والمعتقد وحرّية الإبداع.

السّادة الكرام من أعضاء الحكومة وأصحاب القرار السّياسيّ، والسّيد رئيس الجمهوريّة المؤقّت بالذّات،

 أتّهمكم بإضعاف الدّولة وعدم البحث عن الوفاق. أتّهمكم بإعادة إنتاج القهر. أتّهمكم بالبطر. أتّهمكم بمواصلة جرّ بلادنا الحبيية إلى المخاطر التي تفكّك أمنها ووحدتها. لا يوجد سقوط أخلاقيّ وسياسيّ أكبر من المساواة بين الضّحّية والجلاّد، وهذا ما فعلتموه باستمرار.
أتّهمكم بالحقد على رموز البلاد وبُناتها وهو ما يؤدّي إلى فقر رمزيّ سياسيّ، واعتداء على الذّاكرة لا تحمد عقباه.


السّادة المنتمين إلى حزب النّهضة،

أتّهمكم بتجاهل الطّاهر الحدّاد وحركته الإصلاحيّة الفريدة التي جعل فيها الشّريعة طريقا لا ينتهي نحو الحرّية والمساواة و لم ير فيها مجموعة من الأحكام الجاهزة المتكلّسة. أتّهمكم بعدم الزّهد في يوطوبيا الإسلام السّياسيّ. أتّهمكم بالتّوجّه نحو المشرق ظنّا منكم أنّ كنز الإسلام يوجد هناك، والحال أنّه يوجد بين أضلعكم، ويوجد في مجلّة الأحوال الشّخصيّة باعتبارها انتصارا للمساواة والحرّية على فقه السّلطة.
أدين كلّ من سمّيتمهم في هذه الرّسالة وأتّهمهم بالتّفريط في الدّولة في سبيل بالمتعة بالسّلطة. لكنّني أتوجّه في هذه الرّسالة إلى ما يسمّيه علي الدّوعاجيّ "الرّكن النّيّر". ففي قلب كلّ ظالم وحاقد يوجد ركن نيّر ما. علي الدّوعاجي هو ذلك الكاتب التّونسيّ الذي نالته شتائم السّيّد وزير التّعليم العالي الحالي. هل قرأه؟ أشكّ. للحقد طاقة وهّاجة لا تبقي ولا تذر. أدعوكم إلى العمل على التّخلّص من هذا الحقد، بدل تصريفه في الشّأن السّياسيّ. لكنّني في الأثناء : أدينكم وأحمّلكم المسؤوليّة التي تتفنّون في التّملّص منها، بإنتاج كلّ الخطابات المشبوهة.

0
عبوديّاتنا المختارة...05.10.2007..

من الأطياف المرفرفة التي ستظلّ تحوم بنا طيف لابواسّي La Boétie، ذلك الفتى الفرنسيّ الذي كتب سنة 1548، وهو لم يبلغ سنّ العشرين، مقالة في "العبوديّة المختارة". فضْلُ لابواسّي هو أنّه نبّه النّاس في زمانه، وينبّهنا اليوم إلى ما نميل إلى الغفلة عنه، وهو أنّ للضّحيّة الباكية أو المتباكية قسطا من المسؤوليّة في نظم الاستبداد وفي الكثير من سيناريوهات العنف المتكرّر. نبّهنا إلى ذلك بلغة بسيطة فريدة، فيها الكثير من حميّة الشّباب وتوهّج الفكر، وفيها شيء من الغضب، عندما يكون الغضب طاقة مولّدة للتّفكير، لا مجرّد "هوى" من الأهواء التي تحول دون التّفكير.
أدهش كتيّب لابواسي النّاس وشدّهم على مرّ العصور، لأنّه يتجاوز السيّاق التّاريخيّ الذي أراد بعضهم اختزاله فيه، وهو سياق احتجاج البرجوازيّة النّاشئة على إكراهات النّظام الإقطاعيّ الأوروبّيّ، ففي كلّ نصّ نابع من شوق تترجمه الكتابة، يوجد بالضّرورة بعد يتجاوز مقتضيات التّاريخ والسّياق، كثيرا ما تضيّعه المقاربات المستلهمة من الماركسيّة. وربّما تمثّل فكرة العبوديّة المختارة اليوم أداة مهمّة لتحليل دوائر الاستبداد وأشكاله المختلفة، أو ربّما تمثّل منفذا لإدخال نفحة من الهواء الجديد على طرحنا لإشكاليّات السّلطة والهيمنة لا في المستوى السّياسيّ فحسب، بل في مستويات أخرى.
ولقد أصاب لابواسّي المقتل عندما قلب النّظرة السّائدة للهيمنة، مبيّنا أنّ العبد هو الذي يبني في خياله السّيّد ويسلم إليه مقاليد نفسه في واقعه، وليس السّيّد الذي يتغلّب على مصارعه فيحوّله إلى عبد كما في الجدليّة الهيجليّة الشّهيرة. يقول لابواسي حسب التّرجمة العربيّة البديعة التي خصّه بها مصطفى صفوان (صدرت سنة 2005) : "من أين له (الطّاغية) العيون التي يتبصّص بها عليكم إن لم تقرضوه إياها؟ وكيف له بالأكف التي بها يصفعكم إن لم يستمدّها منكم؟ ومن أين له بالأقدام التي يدوسكم بها إن لم تكن من أقدامكم؟ كيف يقوى عليكم إن لم يقو بكم؟ كيف يجرؤ على مهاجمتكم لولا تواطؤكم معه؟".
ولكن لا حدّ لإمكانيّات التّأويل والتّصريف التي يفتحها حدس لابواسّي هذا في تفسير إماتة الشّوق إلى الحرّيّة والاستكانة إلى الآخر. فما العبوديّة المختارة سوى السّادومازوشيّة الممارسة على نطاق اجتماعيّ وسياسيّ في عصرنا هذا الذي يعدّ عصر إنسان الجموع سليب الإرادة، وفي السّياق العربيّ الرّاهن الذي لا يعيش فيه العربيّ عبوديّة البضاعة والصّورة والاستهلاك المعولم فحسب، بل يعيش عبوديّات أخرى : عبوديّة تخضعه إلى أنظمة تحتكر السّلطة والثّروة ولا يبتعد زعماؤها كثيرا عن صور الطّغاة كما رسمها لابواسّي منذ حوالي أربعة قرون ونصف، وعبوديّة تخضعه إلى رجال الدّين في دين ليس فيه كنيسة ولا بابّا، ولكن كلّ جماعة فيه وكلّ فرد يمكن أن ينتصب كنيسة وبابّا.
يمكن أن يفيدنا لابواسّي في تعرية لعبة عبادة "الواحد" الذي "يكفي النّطق باسمه لإيقاع الفتنة والسّحر" كما يقول، الواحد الذي نجعله فوق القانون وفوق كلّ شيء، والذي لا نكتفي بعبادته، بل نعيد إنجابه، أو نؤبّد النّظام الذي يعيد إنجابه. فالسّؤال الذي يمكن أن نطرحه على أنفسنا ليس فحسب : لماذا نواصل إحلال من نولّيهم أمورنا محلّ الآلهة التي تحاسبنا وتعاقبنا دون أن نحاسبها ونعاقبها، بل : لماذا ينهل الكثير من معارضي عبادة الأشخاص من المعين الاستبداديّ والجموعيّ نفسه، فيخلقون في دوائرهم الخاصّة زعماء آخرين يستولون على سدّة الحكم في الدّائرة الضّيّقة، بحيث تفقد مطالبتهم بالدّيمقراطيّة كلّ مصداقيّة، وتفقد تنظيماتهم كلّ طابع مؤّسّسيّ مدنيّ؟ لماذا تتحوّل كلّ تجارب الحرّيّة الجميلة إلى بوتيكاتات لقضاء المصالح وبناء التّحالفات وإنتاج "الواحد" المتألّق في صيغة مفردة أو متعدّدة، المتألّق بمجرّد النّطق باسمه أو عرض صورته؟ 

 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=111222

0
الجدال مع الإسلاميّين وقفة تأمّل...25.09.2007..

إلى أيّ حدّ تفرض لعبة الجدال ومتطلّباتها أفقا وسقفا لممكنات التّفكير؟ هل يمكن أن نحاكي قولة أبي حيّان التّوحيديّ "كما تكونون يُولّى عليكم" للحديث عن العلاقة بين الخصم وخصمه، بحيث نقول : "كما تكونون يكون خصمكم"؟ هل أضعنا وقتا طويلا في الحجاج ضدّ الإسلاميّين؟ هل فرضت علينا ظروف المرحلة، مرحلة المدّ الأصوليّ، خصوما من درجة فكريّة دنيا فانسقنا رغم كلّ شيء إلى فخّ ما أو سهولة ما، أو نقص في التّفكير عوّضته متعة ما لم نفكّر فيها، لأنّ المتعة هي ما لا يقبل التّفكير وما يحول دون التّفكير؟ وفي الوقت نفسه، هل كان بالإمكان عدم الدّفاع عن المكاسب المدنيّة السّياسيّة التي حقّقتها الحداثة والتي ثبت عداء أغلب الإسلاميّين لها أو عداؤهم لأغلب مظاهرها؟ هذه الأسئلة أطرحها على المجادلين للإسلاميّين، وأطرحها على نفسي، لأنّني منذ بضعة سنوات طويت الكثير من دفاتري، وعلّقت جانبا من مشاريعي في البحث لأدخل حلبة الصّراع مع الإسلاميّين كالكثير ممّن رأوا في الإسلام الأصوليّ، وهم محقّون في ذلك، عدوّا أساسيّا للحرّيّة والمساواة.

ربّما يتعيّن علينا اليوم القيام بوقفة تأمّل للتّراكم الذي حصل في الجدل بين الإسلاميّين وغيرهم من العلمانيّين أو المتديّنين المجتهدين في الأحكام، ممّن يشتركون مع الإسلاميّين في منطلقاتهم الإيمانيّة، ولكن يختلفون معهم في أطروحات تخصّ أحكام الشّريعة وإمكانيّات التّأويل، وعلاقة الدّين بالدّولة. وربّما يتعيّن علينا طرح أسئلة أخرى لم نطرحها بعد ولا أملك شخصيّا جوابا كافيا عنها، وهي تندرج أوّلا في إطار التّقييم و"قياس الأثر"، والنّقد الذّاتيّ، وتندرج ثانيا في إطار العلاقة بين الخصم وخصمه وفي اللّعبة التي قد تنشأ بينهما، وفي مخاطر متعة الخصام التي تمثّل عائقا دون التّفكير.
فهل حقّق الجدل مع الإسلاميّين التّراكم المعرفيّ المطلوب الذي من شأنه أن يخلق تديّنا مختلفا عن تديّن الأصوليّ والمتعصّب والإرهابيّ، وما مساحة هذا التّديّن من المنظومات الإعلاميّة والتّربويّة في كلّ بلد؟ كيف يمكن عمليّا أن "نقيس الأثر"؟ وما العلاقة بين هذا التّديّن المختلف والتّديّن التّقليديّ الذي كان عليه آباؤنا وأجدادنا وجعلهم عموما غير أصوليّين وغير إرهابيّين؟ ما دور الدّعاة الجدد في خلق هذا التّديّن الجديد أو في المزيد من إنتاج "هذيان اللّجوء إلى الأصل" (والعبارة لفتحي بن سلامة في كتابه "الإسلام والتّحليل النّفسيّ")؟ هل تحقّق شيء ممّا يسمّيه فرويد بـ"عمل الثّقافة"، أي الإنتاج اللّغويّ والفكريّ الذي يجب أن يواكب تحوّلات الذّات في لحظات "طفرة الحضارة" ويسدّ الثّغرات التي تنتجها القطيعات، حتّى لا تتحوّل الذّات الخارجة من التّقليد إلى فرد أعزل من كلّ تماهيات إيجابيّة، ولا تضطرّ إلى الحلول القصوى التي تنفلت فيها الغرائز وتظهر فيها الهذيانات الجماعيّة بديلا عن الفهم والتّعقّل والعلاقة التّأويليّة؟
ثمّ هل حصل تفاعل بين الإسلاميّين وغير الإسلاميّين أم بقي كلّ في مكانه؟ ألا يمكن أن نبرح موقع المجادل من حين لآخر، لنتبيّن وجوه التّفاعل هذه؟ ما الذي جعل مفتيا مثل القرضاوي يطوّر فتاواه بخصوص تولّي المرأة الحكم، وبخصوص قتل المدنيّين؟ فلا شكّ أنّ الانتهازيّة السّياسيّة وحدها لا تفسّر هذا التّطوّر، بل يفسّره تعقّد الخطاب الأصوليّ نفسه، بحيث أنّه ليس خطابا دينيّا تقليديّا محيلا إلى ذاته auto-référentiel، بل هو خطاب يعتمد من حيث يعي أو لا يعي مرجعيّتين في نفس الوقت : مرجعيّة دينيّة ومرجعيّة مدنيّة ديمقراطيّة حديثة، وهو ما يجعلنا إزاء خصم أكثر تعقّدا من كونه "ظلاميّا" و"ماضويّا" و"سلفيّا"، وما يدعونا إلى عدم تغليب لحظة الحكم على لحظة الفهم والمعرفة. فهذا الخصم، إلى أيّ حدّ يشبهنا أو يريد أن يشبهنا رغم اختلافه عنّا؟ 

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=110244
jeudi 14 juin 2012

0
عن العلمانيّة باعتبارها مبدأ توحيد ومساواة بين المختلفين

في هذا النّصّ صدى لما قرأته على صفحات الأوان من حوار مهمّ عن العلمانيّة والسّياسة والسّياسيّ. شدّني هذا الحوار وأرّقني أحيانا، ولكن منعتني العطلة الصّيفيّة وإكراهاتها الأليفة من المشاركة فيه، وها أنّني أعود إليه ولو بأخرة لتقديم بعض الآراء والملاحظات التي قد تبدو بديهيّة، إلاّ أنّ البديهيّ كنور الشّمس هو الذي نميل إلى تجنّب النّظر إليه أحيانا :

1- الأديان والمعتقدات خاصّة بمجموعات وفئات، فهي تفرّق ولا تجمع. ففي الوطن الواحد مهما تضاءل حجمه، ومهما أخفت إيديولوجيّته الرّسميّة أقلّياته، ومهما اختلق أصوليّوه من "هويّات خياليّة" أحاديّة، يوجد مؤمنون من مختلف الأديان والمذاهب، ويوجد غير مؤمنين من نفاة وجود الإله ومن اللاّأدريّين واللاّدينيّين، وهؤلاء جميعا توحّدهم العلمانيّة المأمولة، لأنّها مبدأ حياد مشترك هو جوهر السّياسيّ. جوهر السّياسيّ هذا أعتقد أنّه العيش المشترك، والشّوق إلى العيش المشترك ممّا يجعل الإنسان كائنا "مدنيّا بالطّبع". فالعلمانيّة تساوي بين هؤلاء المختلفين لأنّها لا تعتمد مرجعيّة دينيّة ومذهبيّة خاصّة، ولا تفاضل بين مسلم وغير مسلم، ولا بين مؤمن وغير مؤمن، بل هي تساوي بينهم وتوحّدهم باعتبارهم متشابهين وأحرارا بالولادة، وتترك لهم مجالا خاصّا لكي يعيشوا اختلافاتهم ويمارسوا طقوسهم الدّينيّة أو يحقّقوا نماذجهم الدّنيويّة. إنّها المبدأ الذي يجعل المختلف يجمّد اختلافاته المذهبيّة أو يمتحنها ليعيش المشترك الذي يجمعه بالآخرين، في مستوى غير مستوى اختلافه الدّينيّ والعقائديّ، هو السّياسيّ باعتباره "البعد الأساسيّ للواقع" كما كتب عبد السّلام بنعبد العالي.. فالعلمانيّة ليست مجرّد مذهب يطالب بالفصل بين السّياسة والدّين، بل هي شرط من شروط تجربة العيش المشترك الذي يتحوّل فيه العنف إلى كلام وحوار وتفاوض واقتسام واقتراع، وتتحوّل فيه البنى الانصهاريّة التّقليديّة إلى سلطات منفصلة ودوائر متمايزة.

2- العلمانيّة ليست دينا، وليست رأيا، بل هي الاتّفاق المبدئيّ على إمكان تعدّد الآراء، وجواز تعدّدها، وجواز اختلافها اختلافا يمكن أن يبقى اختلافا لا رجعة فيه، فلا حاجة إلى التّوفيق بين المختلفين ما دام المشترك الذي يجمعهم رغم اختلافهم وقبل اختلافهم أساسيّا، أي سياسيّا. والغفلة عن هذا البعد اللاّمذهبيّ للعلمانيّة تؤدّي إلى تحويلها إلى ديانة جديدة مناهضة للدّيانات، وهو التّصوّر الذي يريد الإسلاميّون و"التّراثيّون" اختزال العلمانيّة فيه.

3- نقيض العلمانيّة تبعا لذلك ليس الإسلام بل الأصوليّة باعتبارها إيديولوجية شموليّة، ونقيض العلمانيّة أيضا هو منظومة الفقه الإسلاميّ باعتبارها منظومة شموليّة. فلنذكّر بأنّ السّمة التي تعتبرها (حنّا أرنت) أساسيّة في الأنظمة الشّموليّة هي الخلط بين المجالين العامّ والخاصّ، والفقه الإسلاميّ الذي يسمّيه الأصوليّون "شريعة" ويعتبرونه متعاليا عن التّاريخ، وبمذاهبه المختلفة التي لا تختلف إلاّ في بعض التّفاصيل والمقادير، هو نظام يخلط بين القانون والأخلاق ويقنّن الحياة الخاصّة والعامّة ويخضع كلّ مجالاتها إلى أحكام الحلال والحرام وما بينهما، ويخضعها إلى مبدإ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر الذي يجعل كلّ مسلم بوليسا دينيّا على الآخرين، متكلّما باسم الله، حالاّ محلّه على وجه الأرض. فللمؤمن المسلم مثلا أن يمتنع عن شرب الخمر احتراما لمعتقداته، وأن يصوم رمضان، وللدّولة أن تضمن له هذا الاحترام، أمّا أن تتدخّل الدّولة ويتدخّل القانون لفرض عدم شرب الخمر وفرض صوم رمضان على كلّ من ولد مسلما، فذلك هو مظهر من مظاهر الخلط بين الأخلاق الدّينيّة والقانون، ومظهر من مظاهر الخلط بين العامّ خلطا منافيا للعلمانيّة وللحرّيّة. 

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=108015

0
APPEL DES ASSOCIATIONS DEMOCRATIQUES ET ORGANISATIONS POLITIQUES TUNISIENNES

FRANCE. Appel des associations démocratiques et organisations politiques tunisiennes en France à un rassemblement à Paris, vendredi 15 juin à 19 heures, près de l'ambassade de Tunisie, place André-Tardieu (sortie du métro Saint-François-Xavier).

APPEL DES ASSOCIATIONS DEMOCRATIQUES ET ORGANISATIONS POLITIQUES TUNISIENNES


A UN RASSEMBLEMENT LE VENDREDI 15 JUIN A 19 H

POUR L'ARRET DES EXACTIONS DES SALAFISTES ET DES NERVIS ET CONTRE LES MENACES EXERCEES SUR LES LIBERTÉS EN TUNISIE
POUR LA DEFENSE DES LIBERTES INDIVIDUELLES
CONTRE LA GUERRE DE RELIGION IMPOSÉE PAR LES SALAFISTES
Paris le 13 juin 2012,
Les associations et organisations politiques démocratiques tunisiennes en France, appellent à un rassemblement, prés de l’Ambassade de Tunisie pour condamner les violences perpétrées simultanément, ces deux derniers jours, par des nervis et des groupes extrémistes religieux.
Après avoir sévi ces derniers temps, entre autres, contre les journalistes, les intellectuels, syndicalistes, les enseignants, les militants démocrates et les artistes, les salafistes et les nervis ont détruit et lacéré des œuvres d’art, jugées blasphématoires, lors d’une exposition intitulée « le Printemps des Arts » au palais d’Abdellia, à la Marsa.
Les violences se sont ensuite propagées, dans les quartiers populaires de la ville de Tunis : Intilaka, Ettadhamen et Essijoumi, ainsi que dans les villes de la banlieue nord : La Marsa, Carthage et le Kram, semant la panique et le désarroi durant la nuit. Elles ont également atteint les gouvernorats de Jendouba, Sousse, Monastir et Tatouine. Suite à quoi, un couvre-feu nocturne a été institué à Tunis et dans quatre régions.
Ces groupes se sont aussi attaqués au Tribunal de Tunis à Essejoumi, où ils ont incendié le bureau du procureur. A Jendouba, ville du nord-ouest tunisien, des groupes salafistes ont incendié le siège régional du syndicat U.G.T.T. (Union Générale Tunisienne du Travail) et les sièges de trois partis politiques : le parti communiste des ouvriers de Tunisie, le mouvement des patriotes démocrates et le parti républicain. Il faut rappeler que les groupes salafistes accompagnés de casseurs, ont déjà attaqué à Jendouba plusieurs locaux de la police et des débits de boissons alcoolisées. Ces groupes bénéficient depuis plusieurs mois, d’une réelle impunité, et ce malgré la gravité de leurs actes.
Les signataires de cet appel dénoncent ces actes graves, attentatoires aux libertés et à la démocratie qui surviennent après l'appel, relayé par des chefs salafistes tunisiens, du chef d'al-Qaïda, Aymen Adhawahiri, au soulèvement des Tunisiens pour l’instauration de la Charia en Tunisie.
Ils condamnent ceux qui appellent à l’affrontement religieux et qui utilisent illégalement les mosquées comme bases arrière, pour propager leurs discours haineux.
Les signataires exigent du gouvernement, la prise de mesures urgentes, pour neutraliser ces semeurs de troubles, violents et intolérants, qu'ils soient d’ailleurs, salafistes ou casseurs au service des contre-révolutionnaires, et qui s’attaquent à tous ce qui ne partagent pas leurs convictions fascistes.
Nous mettons en garde le gouvernement contre la poursuite de ces violences organisées par des salafistes et des nervis, et lui rappelons qu’il est le garant de la sécurité de toutes les personnes et les biens.
Les signataires refusent que la Tunisie devienne un champ de bataille, ce qui aurait des conséquences désastreuses pour le développement économique et réaffirment la nécessaire ouverture de notre pays, au reste du monde.
Les signataires appellent les démocrates et les défenseurs des droits de l’homme tunisiens de Tunisie ou à l'Étranger, ainsi que nos amis Maghrébins et Machrequins, Français et Européens qui se sont mobilisés avec nous pour chasser le dictateur Ben Ali, à se mobiliser encore une fois, pour la défense de la tolérance, des libertés et de la démocratie en Tunisie.
Cette mobilisation est urgente, pour contrecarrer les violences des salafistes, des casseurs et de leurs commanditaires et pour défendre les libertés ; de création, de croyance et d’expression, de presse, syndicale et associative.
POUR L’ARRET DE LA VIOLENCE DES SALAFISTES ET DES NERVIS EN TUNISIE
POUR LE RESPECT DES LIBERTÉS ET DES DROITS DE L’HOMME EN TUNISIE
POUR LES OBJECTIFS DE LA RÉVOLUTION : DIGNITE, TRAVAIL ET LIBERTÉ
VENDREDI 15 JUIN 2012 A PARTIR DE 18H30
Prés de L'AMBASSADE DE TUNISIE
PLACE ANDRE TARDIEU SORTIE DU METRO ST. FRANCOIS XAVIER (ligne 13)
Premiers signataires : A.D.T.F. – A.I.D.D.A. – A.T.N.F. – Collectif 3C – C.R.L.D.H.T. – Ettakatol / France – F.T.C.R. – Filigrane – M.C.T.F. – P.C.O.T. – Parti Républicain – R.E.M.C.C. – U.T.A.C. – U.T.I.T. – Vérité pour Farhat Hached
Et le soutien
Associations : A.C.O.R.T. – A.M.F. – C.E.D.E.T.I.M. – E.M.C.E.M.O. / pays bas – F.C.M.A. – Le Manifeste des Libertés – Na'oura / Bruxelles – R.E.M.D.H. – SOS Migrants / Bruxelles
Syndicats : C.F.D.T. – Force Ouvrière – Union syndicale Solidaires.
Partis : Les Alternatifs – E.E.L.V. – F.A.S.E. – N.P.A. – P.C.F. – P.G.

0
..27.06.2007..فرويد والعرب : المتّهم الذي لن تثبت براءته

تناقلت بعض الصّحف والمواقع العربيّة سنة 2003 رسالة لفرويد أبدى فيها تحفّظه على المشروع الصّهيونيّ، وظلّت نتيجة لذلك محجوبة عن الأنظار طيلة سبعين عاما ونيّفا. كتب فرويد هذه الرّسالة سنة 1930 مخاطبا بها حاييم كوفلر، عضو "مؤسّسة إعادة توطين اليهود في فلسطين"، ليعتذر له عن عدم توقيعه النّداء الذي وجّهه إليه من أجل دعم القضيّة الصهيونية في فلسطين ومساندة حقّ اليهود في إقامة شعائرهم بحائط المبكى.
إليكم نصّ هذه الرّسالة، وقد اجتهدت في ترجمته من الفرنسيّة، مستفيدة من ترجمة سابقة يبدو أنّها من الإيطاليّة، آملة أن تصدر ترجمة أخرى لها من لغتها الأصليّة، تكون أكثر دقّة واقترابا من ألفاظ فرويد وتعابيره :
"لا يمكنني النزول عند رغبتكم. لا يمكنني أن أقاوم تحفّظي على لفت انتباه الجمهور إلى شخصي، لا سيّما أنّ الظّروف الحرجة الحاليّة لا تشجّعني على ذلك. من يريد التّأثير في الجموع عليه أن يقول لهم شيئا مدوّيا وباعثا على الحماسة، وهذا ما لا يسمح لي به رأيي المتحفّظ على الصّهيونيّة. إنّني بلا ريب أتعاطف مع كلّ الجهود التي تبذل من تلقاء النّفس، كما أنني فخور بجامعتنا في أورشليم، وأبتهج عند رؤية الازدهار الذي تشهده منشآت مستوطنينا. لكنّني من ناحية أخرى، لا أظنّ أنّ فلسطين يمكن أن تصبح يوما ما دولة يهوديّة، ولا أظنّ أنّ العالمين المسيحيّ والإسلاميّ على حدّ السّواء سيبديان في يوم ما استعدادا لجعل أماكنهم المقدّسة في عهدة يهود. كان من الأجدى، فيما يبدو لي، بناء وطن يهوديّ على أرض غير مشحونة تاريخيّا. لكنّني أعرف أنّ فكرة عقلانيّة من هذا القبيل لا يمكن أن تستدرّ حماسة الجموع ولا معونة الأثرياء. وأقرّ أيضا، وبكلّ أسف، أنّ تعصّب مواطنينا غير الواقعيّ يتحمّل نصيبه من المسؤولية في إثارة الارتياب لدى العرب. لا يمكن لي أن أبدي أيّ تعاطف ممكن مع تديّن مؤوّل بطريقة خاطئة، يحوّل جزءا من حائط هيرود إلى شيء عتيق مقدّس، ويتحدّى بسبب هذا الشّيء مشاعر سكّان البلد. ولكم النّظر فيما إذا كنت بمثل هذا الموقف النقديّ، الشّخص المؤهل لمواساة شعب يزعزعه أمل لا مبرّر له."
ورغم أنّ هذه الرّسالة لم تسرّ الصّهيونيّين من معاصري فرويد إبّان كتابتها، واتّخذها بعضهم بعد صدورها دليلا على خطإ تشكيك فرويد في إمكان قيام دولة يهوديّة على "أرض الميعاد"، فإنّها لم تسرّ العرب إلاّ من حيث هي وثيقة إدانة للصّهيونيّة. يقول مقدّم الرّسالة في نصّ غير ممضى تناقلته مواقع عديدة : "وحكاية هذه الرسالة يمكن اعتبارها حدثاً ليس بسبب مضمونها فحسب، والذي من شأنه أن يبلبل خواطر أوساط يهودية كانت تجيز لنفسها إشراك مؤسس التحليل النفسي في عملية الكفاح من أجل إقامة دولة إسرائيل والذود عن حياضها، بل كذلك وخصوصاً بسبب حجبها واحتجازها الطويلين كما لو أنها تنطوي على أسرار تطاول المصلحة العليا والقصوى لدولة أو لمشروع دولة. "
لا شكّ أنّ في مصادرة الرّسالة مظهرا من مظاهر الجهاز السّلطويّ الذي ضغطت وتضغط به الحركة الصّهيونيّة على كلّ من يشكّك في المشروع الصّهيونيّ، بمن في ذلك المفّكرون اليهود أو من ذوي الأصول اليهوديّة. ولكنّ الإشكال الأوّل يكمن في ضيق الرّؤية التي وضعت أفكار الرّسالة وما تنطوي عليه من مواقف إيطيقيّة بين قوسين، واكتفت باعتبارها وثيقة إدانة للصّهيونيّة أو محاكمة فجّة لفرويد. والمطّلع على سياقات إيراد هذه الرّسالة والتّعاليق التي كتبت عنها في مواقع الأنترنيت يفاجأ بأنّ هذه الوثيقة لم تبرّئ ساحة فرويد من الصّهيونيّة التي يتّهمه بها العرب، بل حملت المزيد من الإدانة. فكأنّ العرب في تعاملهم مع هذه الوثيقة أرادوا أن يعرفوا ما يعرفون، ويزدادوا إدانة لما يدينون، وارتيابا في من يرتابون فيه من المفكّرين ذي الأصول اليهوديّة. حجب الصّهيونيّون الرّسالة لمدّة سبعين عاما. وعندما ظهرت الرّسالة، أخضعها العرب إلى المحاكمة، ليحجبوا مضمونها على نحو من الأنحاء

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=101044
mercredi 13 juin 2012

0
تعفّن الاجتهاد

بعد ما يزيد على القرن من محاولات الإصلاح الدّينيّ، يبدو أنّ أبواب الاجتهاد لم تفتح، أو لم تفتح من داخل العلوم الدّينيّة كما كان متوقّعا، بل تعفّن الاجتهاد نفسه، ليفرز لنا هذه الفتاوى عن الإفرازات البشريّة، فتوى "رضاع الكبير"، وقد أصبحت غنيّة عن التّعريف، وفتوى التّبرّك ببول الرّسول وعرقه وفضلاته وبصاقه. قال صاحب الفتوى الثّانية، وهو مفتي الجمهوريّة المصريّة، إن "الأساس في فتوى تبرك الصحابة بـبوْل الرسول هو أن كل جسد النبي، في ظاهره وباطنه، طاهر وليس فيه أي شيء يستقزر (كذا، والمقصود : "يستقذر") أو يتأفف أحد منه، فكان عرقه عليه السلام أطيب من ريح المسك وكانت أم حِرام تجمع هذا العرق وتوزعه على أهل المدينة." وقال أيضا : "فكل شيء في النبي صلى الله عليه وسلم طاهر بما في ذلك فضلاته، وفي حديث سهيل بن عمرو في صلح الحديبية قال : والله دخلت على كسرى وقيصر فلم أجد مثل أصحاب محمد وهم يعظمون محمداً، فما تفل تفلة إلاّ ابتدرها أحدهم ليمسح بها وجهه..." (المصري اليوم"، 23-5-2007)
وما أنتجه الاجتهاد المتعفّن في الحالتين هو ما لا يحتمل، وما يدعو العاقل إلى التّأفّف، وما يبعث على القرف الذي عبّر عنه المئات من الكتّاب والمعلّقين، رجالا ونساء، مؤمنين وغير مؤمنين.
إنّه الواقعيّ عندما يغزو الحياة في عرائه، وعندما لا يتكفّل الرّمزيّ بإنتاج مسافة ولغة مجازيّة تعبّران عنه وتترجمانه داخل اللّغة نفسها. كان يمكن مثلا أن يصدر شيوخ الإسلام فتوى تعتبر الزّميلة امرأة "محرّمة" على نحو ما، وكان يمكن أن ينطلقوا من النّصوص الدّينيّة ومن اللّغة لتأويل "محرّمة" على أنّها "محترمة" في كيانها وإرادتها، دون أن يمرّ هذا الاعتبار بفعل الرّضاعة وبالالتقام المادّيّ للثّدي. وكان يمكن الاستغناء عن ذكر تفاصيل التّبرّك ببول الرّسول وإفرازاته الأخرى، باعتبار طهارته غير مادّيّة بل رمزيّة. فالطّهارة مبدأ رمزيّ مختلف عن النّظافة، والتّمييز بين النّظافة والطّهارة من المبادئ المعروفة في الأنتروبولوجيا والأتنولوجيا، وتحديدا في مبحثهما عن الطّقوس الدّينيّة، وهو مبحث يعتمد ثنائيّتة الطّهارة والنّجاسة، بدلا عن ثنائيّة النّظافة والقذارة. خلط هؤلاء الشّيوخ بين التّحريم الرّمزيّ الإراديّ والتّحريم المادّيّ الذي لا يصبح رمزيّا إلاّ بمسرحة الرّضاع على نحو مخبّل، كما أسقطوا سجلّ النّظافة على سجلّ الطّهارة على نحو صادم لمشاعر المؤمنين أنفسهم.
كان يمكنهم إنتاج اجتهاد يقوم على التّأويل المجازيّ والقيميّ، بدل إنتاج فتاوى تقوم على الطّاعة العمياء للنّصوص في لفظها وفي الواقع الحسّيّ الذي أحالت عليه منذ قرون طويلة. التّأويل الذي يحيّن النّصوص على نحو إبداعيّ ويستنطق صمتها هو الذي يمكن أن ينسجم مع العصر ومع طموحات البشر في أن يكونوا بشرا وذواتا. فالاجتهاد الذي فتحوا بابه هو اجتهاد بدون تأويل، وانعدام التّأويل أو العجز عنه هو أحد دواعي الاعتلال الفرديّ والجماعيّ، بل إنّ بعضهم يعتبره مرادفا للذُّهان، وهو الاعتلال النّفسيّ الحقيقيّ النّاجم عن انعدام البعد الرّمزيّ. فالاجتهاد الذي يمارسه هؤلاء الشّيوخ في فتاواهم متعفّن ومعتلّ لأنّه لا يريد أن يغامر بالتّأويل، ويريد الواقعيّ بدل الرّمزيّ، ويغرق في الإفرازات البشريّة بدل إنتاج الدّلالة والقيمة الأخلاقيّة والرّمزيّة.
وكما اعتذر صاحب فتوى رضاع الكبير، اعتذر صاحب فتوى إفرازات الرّسول أمام أعضاء مجمع البحوث الإسلاميّة. بل وطالبه المجمع بسحب كتابه الذي احتوى على هذه الفتوى من الأسواق (كتاب "فتاوى معبّرة"). وبعبارة أخرى، مارست مؤسّسة الأزهر وظيفتها الأساسيّة المتمثّلة في المصادرة، وهي أكثر آليّات الدّفاع بدائيّة. ولكنّها في هذه المرّة صادرت نفسها بنفسها. في هذه المرّة لم تصادر شيخا مارقا أو حاملا لفكر مختلف كما فعلت في السّابق مع علي عبد الرّازق، وكما تفعل اليوم مع كثيرين من المطرودين والممنوعين، بل صادرت أولياء أمرها ومن هم في أعلى مرتبيّتها.
والأمر يدعو إلى التّدبّر والتّفكير، فلأوّل مرّة ينكشف لنا المشهد الفقهيّ عن مجتهدين يتخبّطون ويخطئون إلى هذا الحدّ، ولا يفعلون ما يريدون، ولا يريدون ما فعلوا. وكلّ ذلك يعود إلى أنّهم يجتهدون دون أن يجتهدوا ودون أن يؤوّلوا.
ولكنّ ما نراه من ردود فعل صنّاع القرار الدّينيّ وحماة ثوابت الأمّة والحريصين على عدم فكّ الارتباط بين الإسلام والفقه، لا تدلّ على تفكير ولا تدبّر، ولا عن بحث عن الحلول الجذريّة لهذا المأزق، بل على محاولات ترميم للجسد المتعفّن، ومحاولات دفاع عن "الصّنعة الجليلة"، صنعة الإفتاء، بالدّعوة إلى نبذ الفتاوى "الشّاذّة"، وإلى ضرورة توفّر شروط الإفتاء، وبالمطالبة بمأسسة الإفتاء وتنظيمه.
 
Dr Raja Ben Slama Blog | © 2010 by DheTemplate.com | Supported by Promotions And Coupons Shopping & WordPress Theme 2 Blog | Tested by Blogger Templates | Best Credit Cards